للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإشعار النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كان لصيانة الهدي؛ لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به. وقيل: إن أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - كره إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه على وجه يخاف منه السراية، وقيل: إنما كره إيثاره على التقليد.

قال: فإذا دخل مكة طاف، وسعى، وهذا للعمرة، على ما بينا في متمتع لا يسوق الهدي إلا أنه لا يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التروية

ــ

[البناية]

بين الإسلام والكفر، حتى لو اجتمع قوم على تركه قوتلوا عليه ولا كذلك الإشعار، فإن الناس تركوه عن آخرهم ولم ينكر على ذلك أحد.

وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنهما رخصا في تركه، ولا يظن بهما الترخص في تركهما سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مع أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله مرة، وفي " جامع الأسبيجابي " معنى قول الراوي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشعر بدنته أعلمها بعلامة، ويمكن أن يكون ذلك سوى الجرح؛ لأن الإشعار هو الإعلام، كذا ذكره الإمام المحبوبي.

م: (وإشعار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان لصيانة الهدي) ش: هذا جواب عما قاله الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه مروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتقرير الجواب أن يقال سلمنا أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشعر، ولكن لاحتياجه إلى ذلك وهو صيانة الهدي، أي حفظها م: (لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا به) ش: أي لأن المشركين ما كانوا يمتنعون عن تعريض الهدي إلا بالإشعار.

م: (وقيل: إن أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - كره إشعار أهل زمانه لمبالغتهم فيه على وجه يخاف منه السراية) ش: أي من الإشعار والمراد إلى هلاك الهدي، وقد ذكرناه الآن م: (وقيل: إنما كره إيثاره على التقليد) ش: أي اختياره وتخصيصه على التقليد، لأنه يحصل من التقليد ما هو الغرض من الإشعار.

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (فإذا دخل) ش: أي المتمتع م: (مكة طاف) ش: بالبيت سبعة أشواط م: (وسعى) ش: يبن الصفا والمروة سبعة أشواط م: (وهذا) ش: أي هذا الفعل، وهو الطواف والسعي م: (للعمرة) ش: لا للحج م: (على ما بينا في متمتع لا يسوق الهدي) ش: أراد به ما ذكر في أول الباب عند قوله وصفته، أي يبتدئ من الميقات فيبتدئ بالعمرة م: (إلا أنه) ش: أي غير أنه م: (لا يتحلل) ش: بعد فراغه من العمرة، لأنه ساق الهدي بين متمتع يسوق الهدي، ومتمتع لا يسوق، لأنهما يتساويان في نفس الطواف والسعي، ولكن الذي يسوق الهدي لا يتحلل بعد فراغه من العمرة م: (حتى يحرم بالحج) ش: يحرم هنا برفع الميم، لأن حتى هنا ليست للغاية لفساد المعنى، لأن معناه لا يتحلل إلا بعد الإحرام بالحج، وليس كذلك، لأنه لا يتحلل إلا إذا حلق يوم النحر، فحينئذ تكون حتى هنا للحال كما في قولهم مرض حتى لا يرجونه م: (يوم التروية) ش: وفي الجارية هذا ليس بلازم حتى لو أحرم يوم عرفة أو قبل يوم التروية يجوز، ولكن إحرام أهل مكة يوم التروية فلعله خصه بهذا المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>