للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يفيض الماء على رأسه وسائر الجسد ثلاثا

ــ

[البناية]

يأتي هكذا «ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه» .

وهذا يقتضي تأخير غسل الرجلين عن إكمال الوضوء، وبعضهم أجاز التكميل ومنهم الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بظاهر حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يفيض الماء على جلده كله» ، رواه البخاري ومسلم.

والعجب من الشافعي كيف اختار التكميل فإن في حديث ميمونة النص على تأخير غسل الرجلين، وحديث عائشة مطلق ومن مذهبه حمل المطلق على المقيد في حادثتين فكيف في حادثة واحدة وهو نقض لأجله، والحديثان صحيحان وليس فيهما كلام.

فإن قلت: كيف التوفيق بين الروايتين عندنا.

قلت: عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أرجح بطول الصحبة والضبط في الحديث. وفي " شرح الوجيز " كلاهما سنة والكلام في الأولى وفي " المجتبى " والأصح أنه إن لم يكن في منبع الماء يتقدم بقدم وهو التوفيق بين الروايتين.

وفي " المبسوط " إنما يؤخر غسلهما إذا كانا فيه حتى لو كان على حجر أو لوح أو آجر لا يؤخر كما ذكره في المتن على ما يأتي م: (ثم يفيض الماء على رأسه وعلى سائر جسده ثلاثا) ش: ثم يفيض بالنصب عطفا على قوله ثم يتوضأ. قوله وسائر جسده أي الباقي أي باقي جسده.

قال أبو منصور الأزهري: وفي " تهذيب اللغة " اتفقوا على أن معنى سائر: الباقي. وقال ابن الصلاح: سائر بمعنى الجميع مردود عند أهل اللغة معدود من غلط ولا يلتفت إلى قول الجوهري أن سائر بمعنى الجميع فإنه ممن لا يقبل قوله فيما ينفرد به وقال السروجي «وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لغيلان الديلمي أسلم على أكثر من أربع اختر منهن أربعا وفارق سائرهن» يعني أن يكون سائر بمعنى الباقي دون الجميع للتناقض، فهذا يؤيد ما ذكره ابن الصلاح وحكم على الجوهري بالغلط في موضعين.

أحدهما: في تفسيره بالجميع، الثاني: في ذكره في سير وحقه أن يذكر في باب سئر مهموز العين لا في معتل العين. قال: لأنه من السؤر الذي هو مهموز العين بمعنى البقية، قلنا له والجوهري لم ينفرد به وقد وافقه أبو المنصور الجواليقي في " شرح أدب الكاتب " أنه بمعنى الجميع، وأنكر أبو علي أن يكون السائر بمعنى السؤر بمعنى البقية لأنها بمعنى الأقل والسائر لأن السائر يقتضى لما كثر والبقية لما قل.

<<  <  ج: ص:  >  >>