وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجب الدم بنفس اللبس؛ لأن الارتفاق يتكامل بالاشتمال على بدنه. ولنا أن معنى الترفق مقصود من اللبس، فلا يحصل إلا بلبس ممتد فلا بد من اعتبار المدة ليتحصل على الكمال ويجب الدم، فقدر باليوم لأنه يلبس فيه ثم ينزع عادة ويتقاصر فيما دونه الجناية فتجب الصدقة، غير أن أبا يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أقام الأكثر مقام الكل. ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو اتزر بالسراويل فلا بأس به؛ لأنه لم يلبسه لبس المخيط. وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين خلافا لزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن لبس القباء
ــ
[البناية]
م:(وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجب الدم بنفس اللبس) ش: وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م:(لأن الارتفاق) ش: أي الانتفاع م: (يتكامل بالاشتمال على بدنه) ش: أي باشتمال اللبس على بدن اللابس.
م:(ولنا أن معنى الترفق مقصود من اللبس) ش: وهو رفع الحر والبرد، لأن اللبس أعد لهذا، قال تعالى:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل: ٨١](النحل: الآية ٨١) ، م:(فلا يحصل) ش: أي اللبس بهذا المعنى م: (إلا بلبس ممتد) ش: لا يلبس ساعة م: (فلا بد من اعتبار المدة ليتحصل) ش: أي اللبس م: (على الكمال، ويجب الدم) ش: بالنصب، لأنه معطوف على قوله ليتحصل م:(فقدر) ش: أي اعتبار المدة م: (باليوم؛ لأنه يلبس فيه) ش: أي في اليوم م: (ثم ينزع) ش: في الليل م: (عادة) ش: فإن من لبس ثوباً يليق بالنهار ينزعه في الليل، وإذا لبس ثوباً يليق بالليل ينزعه بالنهار فقد حصل عند ذلك رفق كامل، فيجب دم م:(ويتقاصر فيما دونه الجناية) ش: أي دون اليوم م: (فتجب الصدقة) ش: لأن الجناية يسيرة في هذا الباب توجب الصدقة، كذا في " المبسوط ".
فإن قلت: لم لا يقاس على اليمين؟ قلت: ليس الرفق مقصوداً في اليمين، لأن الحالف منع نفسه عن اللبس مطلقاً بمجرد اللبس وإن قل. م:(غير أن أبا يوسف أقام الأكثر) ش: أي أكثر النهار م: (مقام الكل) ش: لأن المرتدي يرجع إلى بيته قبل الليل، فينزع ثيابه التي يلبسها للناس، فكان اللبس أكثر اليوم ارتفاق مقصود، لكن هذا لا ينضبط، فإن أحوال رجوع الناس قبل الليل إلى بيوتهم مختلفة بعضهم يرجع في وقت الضحى وبعضهم قبله وبعضهم بعده، فكان الظاهر هو الأول. م:(ولو ارتدى بالقميص) ش: أي جعله رداء م: (أو اتشح به) ش: أي بالقميص من الاتشاح، وهو أن يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على منكبه الأيسر م:(أو اتزر بالسراويل) ش: أي اشتمل به مثل ما يشتمل بالفوطة م: (فلا بأس به؛ لأنه لم يلبسه لبس المخيط) ش: أي كلبس المخيط، فيكون غير معتاد، فلا يتحقق الارتفاق م:(وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين) ش: أي لا بأس به.
م:(خلافا لزفر) ش: والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(لأن لبس القباء) ش: هكذا معتاد، وفي " حاويهم " إن كان من أقبية خراسان قصير الذيل ضيق الكمين، فعليه الفدية، وإن كان من أقبية