فإن عاد إلى عرفة بعد غروب الشمس لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية؛ لأن المتروك لا يصير مستدركا. واختلفوا فيما إذا عاد قبل الغروب. ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم لأنه من الواجبات،
ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها فعليه دم لتحقق ترك الواجب، ويكفيه دم واحد؛ لأن الجنس متحد كما في الحلق، والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر أيام الرمي؛ لأنه لم يعرف قربة إلا فيها
ــ
[البناية]
شرطاً لا في الليل، ولا في النهار، فكيف جعلتم شرطاً في النهار دون الليل.
وأجيب: بترك ظاهر الحديث في حق النهار بقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فادفعوا بعد غروب الشمس» فبقي الليل على ظاهره، هذا أورده الأكمل في " شرحه "، وأعجبني منه كيف يجب بهذا الجواب، إلا أن الحديث الصحيح كيف يترك ظاهره بحديث لا يعرف دلالة أصله عند المحدثين.
م:(فإن عاد إلى عرفة بعد غروب الشمس لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية؛ لأن المتروك لا يصير مستدركا) ش: احترازاً بظاهر الرواية عما روى ابن شجاع عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعن ما ذكر الحسن بن زياد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مناسكه " أنه يسقط؛ لأنه استدرك ما فاته، فإن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس، وقد أتى به فيسقط عنه الدم، وبه قال الشافعي، وأحمد - رحمهما الله -، وفي " شرح القدوري " وهو الصحيح.
م:(واختلفوا) ش: أي العلماء الثلاثة وزفر م: (فيما إذا عاد قبل الغروب) ش: فعند زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يسقط، وعند الثلاثة: يسقط، وبه قال الشافعي، وأحمد م:(ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم؛ لأنه) ش: أي لأن الوقوف بمزدلفة م: (من الواجبات) ش: عندنا، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - نفس الوقوف سنة، والمبيت بمزدلفة واجب، واستثني من هذا من جاوزها ليلاً عن علة، أو ضعف، أو خاف الزحام فلا شيء عليه، وقد مرت المسألة.
م:(ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها) ش: وهي الأيام الأربعة آخرها آخر أيام التشريق م: (فعليه دم لتحقق ترك الواجب، ويكفيه دم واحد) ش: يعني في ترك السبعين حصاة كلها م: (لأن الجنس متحد) ش: أي جنس المتروك واحد، وفي قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يجب عليه دمان لما أن رمي يوم النحر منفرد بنفسه، ورمي أيام التشريق شيء واحد، والأصح أنه يجب أربعة، وما ذكره في " شرح الوجيز " م: (كما في الحلق) ش: أي في حلق الرأس، فإن حلق ربعه في غير أوانه يوجب الدم، ثم حلق جميعه لا يوجب إلا دماً واحداً، كذا في " المبسوط " م: (والترك) ش: أي ترك الرمي م: (إنما يتحقق بغروب الشمس) ش: من أيام التشريق م: (من آخر أيام الرمي) ش: وهو اليوم الرابع م: (لأنه) ش: أي لأن الرمي م: (لم يعرف قربة إلا فيها) ش: أي في هذه الأيام، يعني معنى القربة غير معقول فيه، وإنما عرفناه قربة لا يفعله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في هذه الأيام، فلا يكون قربة في رميها كما لا يكون قربة في إراقة الدم في غير أيام النحر.