ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء لما قلنا، وسواء في ذلك العامد والناسي؛ لأنه ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف، فأشبه غرامات الأموال. والمبتدئ والعائد سواء
ــ
[البناية]
محرماً، وهاهنا شروط أخر لم يذكرها أن يتصل القتل بهذه الدلالة؛ لأن مجرد الدلالة لا يوجب شيئاً، والثاني: أن يبقى الدال محرماً عند أخذه المدلول؛ لأن فعله إنما [....] جناية إذا بقي محرماً إلى وقت الفعل.
والثالث: أن يأخذه المدلول قبل أن ينقلب فلو صدقه ولم يقتله حتى انقلبت ثم أخذه بعد ذلك، فقتله لم يكن على الدال شيء؛ لأن ذلك بمنزلة جرح الأول.
م:(ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء لما قلنا) ش: أشار إلى قوله: لأنه لا التزام من جهته م: (وسواء في ذلك) ش: أي سواء في الضمان م: (العامد والناسي) ش: سواء كانا قاتلين أو دالين، ولا خلاف للأئمة الأربعة إلا ما روي عن بعض أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن في وجوب الضمان على الناسي قولين، وكذلك في المخطئ، وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لا شيء على المخطئ، وبه أخذ داود الأصبهاني وسالم، والقاسم لظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}[المائدة: ٩٥](المائدة الآية: ٩٥) ، وروي عن سعيد بن جبير، وأحمد كذلك، وفي الخطأ روايتان.
م:(لأنه) ش: أي لأن الجزاء م: (ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف، فأشبه غرامات الأموال) ش: فإن في غرامات الأموال يستوي العامد، والناسي، كالكفارة بقتل المسلم؛ لأنه تعالى حرم قتل الصيد تعمداً بقوله:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ٩٥](المائدة: الآية ٩٥) ، وتقييده في الآية بالعمد ليس لأخذ الجزاء بل للوعيد المذكور في آخر الآية بقوله:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}[المائدة: ٩٥] وليس قتل العمد يدل على نفي الحكم عما عداه، فجاز أن يثبت حكم النسيان بدليل آخر، وهو قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الضبع صيد، وفيه شاة» من غير فصل بين عمد ونسيان، وعن الزهري - رحمه: نزل الكتاب بالعمد، ووردت السنة بالخطأ، وهو مذهب عمر، وعبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وسعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
م:(والمبتدئ) ش: هو الجاني أول مرة م: (والعائد) ش: هو الجاني ثانياً، إلا أن يكون المراد به العود بالقتل م:(سواء) ش: أي مستويات في وجوب الضمان، وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لا جزاء على العائد، وبه قال داود وشريح، ولكن يقال: اذهب فينتقم الله منك، فظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}[المائدة: ٩٥](المائدة: الآية ٩٥) .
قلنا: إن ضمان إيجابه لا يختلف بالابتداء والعود بل جناية العائد أشد، والمراد من الآية: ومن عاد بعد العلم بالحرمة كما في آية الربا {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}[البقرة: ٢٧٥](البقرة: الآية ٢٧٥) ، أي: ومن عاد إلى المباشرة بعد العلم بالحرمة، كذا في " مبسوط الأسبيجابي،