للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لما فيه من التعميم، وفي ضده التخصيص، والمراد بالنص - والله أعلم - فجزاء قيمة ما قتل من النعم الوحشي،

واسم النعم يطلق على الوحشي والأهلي، كذا قاله أبو عبيدة والأصمعي - رحمهما الله عنه - والمراد بما روي

ــ

[البناية]

والكافرة، فيدخل تحت المثل المطلق والمعنوي، كما في قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] دخل ما له مثل صورة ومعنى، كما في المثليات، وما ليس له مثل لا معنى كالقيمات.

قلت: أجيب بأن المطلق ما يتعرض للذات دون الصفات، لا بالنفي، ولا بالإثبات، فهو الدال على الماهية فقط، وذلك يتحقق تحته كل فرد من أفراده المحتملة، فلو كان دالاً على ذلك لوجبت النعامة على النعامة، وليس كذلك بل حقيقة فيه في المطلق، ومجاز في غيره، والمجاز هنا مراد بالإجماع، فلا يكون غيره مراداً، ومثل ذلك قوله في الآية الأخرى.

أما على قول من يقول: يوجب الغصب القيمة، ورد مخلص فظاهر؛ لأن الموجب الأصلي أولى بالإرادة ورد العين ثبتت بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى ترده» ، وأما على قول من يقول بموجب الغصب رد العين وأداء القيمة يخلص فكذلك القيمة ثابتة بالكتاب ورد العين بالسنة وهذا الكلام مبحث من كلام السغناقي، وغيره.

م: (أو لما فيه من التعميم) ش: دليل آخر، أي لما في دليل المثل معنى من التعميم؛ لأنه يتناول ما له نظير، وما ليس كذلك م: (وفي ضده التخصيص) ش: وفي اعتبار المثل صورة التخصيص لتناوله ما له نظير فقط، والعمل بالتعميم أولى؛ لأن النص حينئذ أعم فائدة م: (والمراد بالنص - والله أعلم -) ش: هذا جواب عن قوله: لأن القيمة لا تكون نعماً، تقديره، والمراد بالآية م: (فجزاء قيمة ما قتل من النعم الوحشي) ش: ولما اعترض المعترض بقوله: كيف يقول من النعم الوحشي، والنعم يراد به الأهلي، ولا يجب بقتل الأهلي، فأجاب دفعاً لسؤاله بقوله:

م: (واسم النعم ينطلق على الوحشي والأهلي، كذا قاله أبو عبيدة) ش: واسمه معمر بن المثنى التميمي من تيم قريش مولاهم، وفي بعض النسخ: أبو عبيد بدون التاء في آخره، واسمه القاسم بن سلام البغدادي صاحب كتاب " الحديث "، والأول أصح م: (والأصمعي) ش: واسمه عبد الملك بن قريب، وهما الإمامان في اللغة ثقتان في نقلهما، فقال: النعم كما يطلق على الأهلي يطلق على الوحشي أيضاً.

فإن قلت: ما تصنع بقوله: هدياً، وهو حال من جزاء، فإن كان الجزاء القيمة كيف يمكن أن يكون هدياً بالغ الكعبة، بأن معناه إذا قوم فبلغت قيمته هدياً بالغ الكعبة.

م: (والمراد مما روي) ش: هذا الجواب عما روى محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - من قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الضبع صيد، وفيه الشاة» لأنه لا مماثلة بين الضبع والشاة من حيث الخلقة، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>