فإن كان الموضع برية ليس فيه بيع ولا شراء للصيد يعتبر أقرب المواضع إليه مما يباع فيه ويشترى. قالوا: والواحد يكفي، والمثنى أولى؛ لأنه أحوط وأبعد عن الغلط كما في حقوق العباد. وقيل: يعتبر المثنى هاهنا بالنص.
ــ
[البناية]
كما في سائر الأموال، وفي " المبسوط " لشيخ الإسلام، وكذلك الزمان الذي فيه أصابه؛ لأن القيمة تختلف باختلاف الزمان أيضًا.
م:(فإن كان الموضع) ش: الذي قتل فيه الصيد. م:(برية ليس فيه بيع ولا شراء للصيد يعتبر أقرب المواضع إليه) ش: أي إلى الموضع الذي قتل الصيد فيه. م:(مما يباع فيه ويشترى) ش: أي مما يباع في أقرب المواضع ويشترى منه. م:(قالوا) ش: أي المشايخ. م:(والواحد يكفي) ش: لأن قوله: ملزم، ولأنه من باب الخبر لا الشهادة فيقبل قول الواحد العدل. م:(والمثنى) ش: أي الاثنان. م:(أولى؛ لأنه أحوط وأبعد عن الغلط) ش: كما قالوا في شهادة النساء، فيما لا يطلع عليه الرجال، فيقبل فيه قول الواحدة، والمثنى أحوط. م:(كما في حقوق العباد) ، م:(وقيل: يعتبر المثنى هاهنا بالنص) ش: أو يعتبر أن يكون الحكم بفتح الكاف اثنين في جزاء الصيد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: ٩٥] قوله: هنا، وفي بعض النسخ: هاهنا، أي في قيمة الصيد، وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، قيل: يشترط عند مالك أن يكونا فقيهين، والفقيه ليس بشرط عند الجماعة بالنص، وقال شمس الأئمة السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " شرح الكافي ": وعلى طريقة القياس يكفي الواحد للتقويم، وكان المثنى أحوط، ولكن يعتبر حكومة بالنص، وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال في " الكشاف ": وعن قبيصة أنه أصاب ظبيًا وهو محرم فسأل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فشاور عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثم أمره بذبح شاة، فقال قبيصة: والله ما علم أمير المؤمنين، حتى سأل غيره، فأقبل عليه [ ... ] بالدرة، فقال: أبيض القفاء تقتل الصيد وأنت محرم، وقال الله تعالى:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: ٩٥](المائدة: الآية ٩٥) ، فأنا عمر وهذا عبد الرحمن بن عوف، وكذا قال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قال في " الكشاف ": عن قبيصة
إلى آخره.
قلت: روى مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في " موطئه " عن عبد الملك بن يزيد البصري عن محمد بن سيرين أن رجلًا جاء إلى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال له: إني أصبت ظبيًا، وأنا محرم، فما ترى في ذلك؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه يقال: حتى أحكم أنا، وأنت، قال: فحكما عليه بغير قول الرجل.
وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه، فلما سمعه عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دعاه، فقال له: هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: لو أخبرتني أنك تقرؤها لأوجعتك بالضرب، إن الله تعالى يقول في كتابه:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥]