واسم الكلب لا يقع على السبع عرفا، والعرف أملك. ولا يجاوز بقيمته شاة، وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تجب بالغة ما بلغت اعتبارا بمأكول اللحم منه. ولنا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الضبع صيد وفيه الشاة؛» ولأن اعتبار قيمته لمكان الانتفاع بجلده، لا لأنه محارب مؤذ، ومن هذا الوجه لا يزداد على قيمة
ــ
[البناية]
لأن إيذاء الفواسق يتعدى إلينا؛ لأنها تسكن بيوتنا، أما السباع فإيذاؤها لا يتعدى إلينا ولا يستكن في بيوتنا ولا في القرب منا، فلم يكن في معنى المنصوص، فلا يلحق بها.
م:(واسم الكلب لا يقع على السبع عرفا، والعرف أملك) ش: هذا جواب عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وكذا اسم الكلب يتناول السباع لغة.
فأجاب عنه: بأنه لا يقع في عرف الناس بخلاف ما قال؛ لأنهم لا يفهمون من إطلاق اسم الكلب المعروف عندهم، والعرف أرجح وأقوى من الحقيقة اللغوية، ولهذا إذا حلف لا يأكل رأسًا فأكل رأس العصفور لا يحنث لعدم العرف فيه وإن كان رأسًا في الحقيقة. م:(ولا يجاوز بقيمته شاة) ش: أي لا يجاوز بقيمة السبع أو بقيمة ما لا يؤكل لحمه من السباع، ولا يجاوز على صيغة المجهول، وشاة بالرفع؛ لأنه أسنده إلى قوله " لا يجاوز " ويجوز النصب على أنه مفعول ثان، وأسند الفعل إلى الجار والمجرور، والمعنى لا يبلغ دمًا.
م:(وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تجب) ش: أي قيمته. م:(بالغة ما بلغت اعتبارا بمأكول اللحم منه) ش: أي من الصيد، يعني كما إذا كان الصيد مأكول اللحم، وكما إذا كان السبع ملكًا لآدمي. م:(ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م:«الضبع صيد وفيه الشاة» ش: هذا غريب جدًا، وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ولنا ما روى أصحابنا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الضبع صيد، وفيه الشاة» .
قلت: هذا أغرب من الأول، ووجه الاستدلال به أنه لما ورد الشرع بتقدير الشاة، لا يزاد عليها؛ لأن المقادير لا اهتداء للرأي فيها.
م:(ولأن اعتبار قيمته لمكان الانتفاع بجلده) ش: إذ اللحم غير مأكول. م:(لا لأنه محارب مؤذ) ش: يعني اعتبار القيمة لا لأجل الجلد، معنى المحاربة كما في بعض السباع كالفيل يعلمه أهل الهند المحاربة بحيث يهزم العسكر، وهو معنى مطلوب للملوك والسلاطين، وذلك أمر خارج عن الصيدية، فلا يعتبر، ولا لمعنى الإيذاء، يعني لا يقوم له شرعًا، فينتفي اعتبار الجلد باعتبار اللحم على تقدير كونه مأكول اللحم، ولذلك لا يزيد على قيمة الشاة غالبًا؛ لأن لحم الشاة خير من لحم السبع والضبع. م:(ومن هذا الوجه) ش: أي الوجه الذي ذكره دليلًا عقليًا. م:(لا يزداد على قيمة الشاة ظاهرا) ش: أي بحيث ظاهر الحال.