وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه؛ لأنه ليس بنام. ولا يرعى حشيش الحرم، ولا يقطع إلا الإذخر. وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا بأس بالرعي؛ لأن فيه ضرورة، فإن منع الدواب عنه متعذر. ولنا ما روينا، والقطع بالمشافر كالقطع بالمناجل، وحمل الحشيش من الحل ممكن فلا ضرورة فيه، بخلاف الإذخر؛ لأنه استثناه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[البناية]
فإن قيل: الحرم غير مملوك لأحد، فكيف يتصور قوله - وقيمة أخرى ضمانًا لمالكه - وأجيب بأنه على قول من يرى بملك أرض الحرم، وهو قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -.
م:(وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه؛ لأنه ليس بنام) ش: لأنه لو وجب الضمان فيه لتضرر أهل الحرم في إيقاد النار؛ لأن ما جف بمنزلة الميت من الصيد. م:(ولا يرعى حشيش الحرم، ولا يقطع إلا الإذخر) ش: وهو نبت بمكة معروف، وبه قال الشافعي ومالك - رحمهما الله -. وفي " المحلى " لا يحل لأجل قطع شيء من شجر الحرم ولا شوكه ولا من حشيش حاشًا الإذخر، واستثنى مالك والشافعي - رحمهما الله - السنا أيضًا. قال: وهو خلاف أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويجب الضمان بإتلاف الشجر، وهو مروي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وعطاء، وبه قال مالك، والشافعي، وابن حنبل، ويحرم قطع الشجر والعوسج وبه قال مالك، وابن حنبل، وعطاء. وعن مجاهد، وعمرو بن دينار، والشافعي: لا يحرم، وهو مردود بقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «لا يعضد شوكها» في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في " الصحيحين ".
وقال الشافعي: لا قطع في الشجرة المؤذية كقتل الصيد المؤذي وهو قياس بعيد في مقابلة النص فهو فاسد الوضع، كاستدلال الشافعية بخبر الواحد فيما تعم به البلوى، واختار المتولي منهم أنه مضمون، وقطع إمام الحرمين، والغزالي، إلى أن تحريم الشجرة مما لا ينبته الناس.
م:(وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا بأس بالرعي) ش: وبه قال الشافعي، ومالك. م:(لأن فيه ضرورة، فإن منع الدواب عنه متعذر. ولنا ما روينا) ش: وهو قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا يختلى خلالها» . م:(والقطع بالمشافر كالقطع بالمناجل) ش: هذا جواب عما يقال النص في القطع لا في الرعي، والمشافر جمع مشفرة، ومشفر البعير كالجحفلة من الفرس، والشفر من الإنسان، والمناجل جمع منجل بكسر الميم، وهو الحديد الذي يحصد به الزرع. م:(وحمل الحشيش من الحل ممكن) ش: هذا جواب عن قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن فيه ضرورة تقريره سلمنا أن النص في القطع لا في الرعي، لكن لا نسلم الضرورة؛ لأن حمل الحشيش من الحل إلى خارج الحرم ممكن. م:(فلا ضرورة، بخلاف الإذخر) ش: هذا جواب أيضًا عما يقال: ما بال الإذخر لم يحرم رعيه، ولا ضرورة فيه، فأجاب بقوله: بخلاف الإذخر.
م:(لأنه) ش: أي لأن الإذخر. م:(استثناه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: وهو في حديث طويل أخرجه الأئمة