للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وأجاب بقوله: جاءك الشك هناك من الأصل فعارض الدليل الذي هو موجب مع الدليل الذي هو غير موجب لتساويهما في القوة فتساقطا، فعملنا بالأصل الذي كان ثابتا لها متعين باقيا لها بيقين وهو الطهارة، وأما هنا جاء دليل عدم الوجوب من الوصف وهو الدفق، ودليل الوجوب في الأصل وهو نفس وجود الماء مع الشهوة فكان في إيجاب الاغتسال ترجيح لجانب الأصل على جانب الوضوء، وثمرة الخلاف تظهر في خمس مسائل:

أحدها: استمنى بكفه فزال المني عن مكانه بشهوة فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم سال عنه لا عن دفق فعليه الغسل عندهما خلافا لأبي يوسف.

الثانية: جامع امرأته فيما دون الفرج أو قبلها بشهوة فزال المني عن مكانه وحصل ما ذكرنا فعلى الخلاف.

والثالثة: احتلم فلما انفصل المني عن مكانه أخذ إحليله حتى سكنت شهوته ثم خرج المني فعلى الخلاف.

الرابعة: اغتسل بعد الجماع قبل النوم أو البول ثم أمنى يعيد الغسل عندهما خلافا لأبي يوسف، وفي " المبسوط " و " السير الكبير ": لو أمنى بعد البول أو النوم لا غسل عليه بالاتفاق وعند الشافعي: يجب في الحال، وعن مالك: لا يجب في الحالين، وقال أحمد: إن خرج قبل البول يجب وبعده لا يجب كذا في " شرح الوجيز ".

والخامسة: استيقظ فوجد بفخذه وثوبه بللا ولم يذكر الاحتلام فإن تيقن أنه مذي أو ودي لا غسل، وإن تيقن أنه مني عليه الغسل، وإن شك أنه مني أو مذي يجب عندهما خلافا له، ولو بال فخرج من ذكره مني فإن كان ذكره منتشرا فعليه الغسل وإن كان منكسرا فعليه الوضوء، ولو غشي عليه ثم أفاق أو سكر ثم صحا فوجد مذيا لا غسل عليه لأنه وجد سبب خروج المذي وهو الإغماء والسكر فيحال بالخروج عليه بخلاف النائم ولو مضطحعا أو قائما أو قاعدا أو ماشيا إذا استيقظ فإنه على ثلاثة أوجه التي ذكرناها الآن، وذكر هشام في "نوادره " عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه إذا استيقظ فوجد بللا في إحليله ولم يتذكر حلما، إن كان ذكره قبل النوم منتشرا فلا غسل عليه وإن كان غير منتشر فعليه الغسل، قال ينبغي أن يحفظ هذا فإن البلوى كثرت فيه والناس عنه غافلون، وقال في " الينابيع " يعمل بقول أبي يوسف في نفي وجوب الغسل إذا كان في بيت إنسان ويستحي منه أو يخاف أن تقع في قلبه ريبة بأنه طاف حول أهل بيته، والمرأة في الاحتلام كالرجل وعند محمد في غير رواية الأصول أنه إذا تذكرت الاحتلام والإنزال ولم تنزل فعليها الغسل، قال الحلوائي: لا يؤخذ بهذه الرواية، وقال أبو جعفر الفقيه: إن خرج إلى الفرج الخارج يجب وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>