للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الإحصار

ــ

[البناية]

ش: أي هذا باب في بيان حكم الإحصار أعقب باب الجنايات بباب الإحصار؛ لأن فيه ما هو جناية في الحرم. الإحصار في اللغة: المنع من حصره إذا منعه، والمحصر هو الممنوع، تقول العرب: أحصر فلان إذا منعه خوف أو مرض من الوصول إلى أيام حجته أو عمرته، وإذا حبسه سلطان قاهر تقول: حصر. وفي " المحلى ": الإحصار من عذر أو مرض أو كسر أو قطع طريق أو ذهاب نفقته أو رواحله، وعندنا هو فائت الحج والإحصار بكل حابس، وقال ابن المنذر في " الأشراف ": وهو مذهب ابن مسعود، وعطاء، والنخعي، والثوري، وأبي ثور. وقال الأترازي: هو قول ابن مسعود، وابن عباس، وعروة، ومجاهد، وعلقمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، والحسن، وسالم، والقاسم، وابن سيرين، والزهري، وأبي عبيد، وأبي عبيدة، وداود، وأصحابه، وهو قول عبادة، والكلبي أيضًا.

وقال الفضل بن سلمة: وقال بعض الفقهاء: لا يكون إلا من عدو دون المرض، وهو قول مخالف لقول مجتهدي الفقهاء، ومذاهب العرب. قلت: هذا قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأحمد في رواية على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وفي " الأسبيجابي " و" الوتري " و" مناسك الكرماني ": اختلف العلماء في الإحصار في اثنين وستين موضعًا بعون الله تعالى، ونحن نذكره مختصرًا.

الأول: أن الإحصار متحقق بكل مانع يمنع المحرم من الوصول إلى البيت لإتمام حجته، أو عمرته من خوف، أو مرض، ومنع سلطان، أو قاهر في حبس، أو مدينة حديثة.

الثاني: أن المحصر لا يتحلل إلا بالذبح عندنا، وبه قال الشافعي، وأحمد، وجمهور أهل العلم. وقال مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا هدي عليه إلا أن يكون معه هدي ساقه.

الثالث: يتحقق الإحصار في العمرة عند عامة أهل العلم، وهو مذهبنا، ذكره في " المبسوط "، وغيره، وذكر محب الدين الطبري عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه لا يتحقق لعدم التأقيت، وخوف الفوات، وذكر ابن قدامة الحنبلي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قول مالك.

الرابع: لا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم عندنا في الحج، والعمرة. وقال أبو بكر الرازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " أحكام القرآن ": هو قول ابن مسعود، وابن عباس إن قدر عليه، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في العمرة يذبح هديه حيث أحصر، وعن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الحج روايتان، أحدهما: أنه يختص بيوم النحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>