للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما ينبعث إلى الحرم؛ لأن دم الإحصار قربة، والإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان مخصوص أو مكان مخصوص على ما مر، فلا يقع قربة دونه، فلا يقع به التحلل، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] (البقرة: الآية ١٩٦) فإن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يتوقت به؛ لأنه شرع رخصة، والتوقيت يبطل التخفيف.

ــ

[البناية]

وبعد التحليل هو مخير إن شاء أقام مكانه، وإن شاء رجع؛ لأنه صار ممنوعًا من الذهاب إلى مكة يخير بين المقام، والانصراف كذا في " المبسوط "، وفي " جامع قاضي خان ": ويبقى محرمًا ما لم يذبح حتى لو فعل مثل الذبح ما يفعله الحلال فقد ارتكب محظور إحرامه.

م: (وإنما يبعث إلى الحرم؛ لأن دم الإحصار قربة، والإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان مخصوص أو مكان مخصوص) ش: والإراقة لم تعرف قربة قام مقام الحلق في أوانه، وهو في أوانه نسك، فكذا ما قام مقامه، وأوانه بعد ركن الحج، وهو الوقوف بعرفات، لكنه لما وقع قبل الأداء، والأوان اعتبر جناية، فقيل: إنه دم كفارة. م: (على ما مر) ش: إشارة إلى قوله: في فصل الصيد: الهدي قربة غير معقولة، فيختص بمكان أو زمان. م: (فلا يقع قربة دونه) ش: أي فلا يقع دم الإحصار قربة دون الحرم. م: (فلا يقع به التحلل) ش: أي فلا يقع بدونه التحلل يعني إذا ذبح دم الإحصار في غير الحرم لا يحصل التحلل.

م: (وإليه) ش: أي وإلى كون دم الإحصار قربة. م: (الإشارة بقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] (البقرة: الآية ١٩٦)) بالكسر عبارة عن المكان كالمسجد والمجلس، نهي عن الحلق حتى يبلغ الهدي محله، موضع حله؛ فسر المحل بقوله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] وليس المراد عين البيت؛ لأنه لا يراق فيه الدماء فكان المراد به الحرم. م: (فإن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم) ش: أي ينعقد إلى الحرم مأخوذ من الإهداء والهدية، ولهذا لو جعل ثوبه هديًا لزمه تبليغه إلى الحرم، كذا في " الأسرار ". وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: للمحصر التحلل بلا هدي إلا أن يكون معه هدي ساقه، وهو خلاف القرآن، والحديث.

م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يتوقت بالحرم) ش: ويجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه. م: (لأنه) ش: أي لأن الهدي. م: (شرع رخصة) ش: أي لأجل الرخصة. م: (فالتوقيت) ش: بالحرم. م: (يبطل التخفيف) ش: وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية. وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أحصر مع أصحابه في الحديبية نحروا بها وهي خارج الحرم. ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] (البقرة: الآية ١٩٦) ، المراد بالمحل الحرم كما ذكرنا، وأما ما يستدل به فقد اختلفت الروايات في نحره - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حين أحصر. «روي أنه أرسلها على يد ناجية الأسلمي لينحرها في الحرم حتى قال ناجية: ما لنا أصنع بما تبعث

<<  <  ج: ص:  >  >>