لأن التحلل وقع بأفعال العمرة، فكانت في حق فائت الحج بمنزلة الدم في حق المحصر فلا يجمع بينهما. والعمرة لا تفوت وهي جائزة في جميع السنة إلا خمسة أيام يكره فعلها فيها،
وهي يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، لما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أنها كانت تكره العمرة في هذه الأيام الخمسة
ــ
[البناية]
ولنا الحديث الذي رواه الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ - المذكور آنفًا وهذا دليل على أن الدم غير واجب؛ لأنه موضع الحاجة إلى البيان، واللائق بمنصبه البيان في موضع الحاجة، فإذا لم يبين، علم أنه ليس بواجب. روي عن الأسود - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قال: سمعت عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: من فاته الحج يحل بعمرة، ولا دم عليه، وعليه الحج من قابل. ثم لقيت زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد ذلك بثلاثين سنة، فقال مثل ذلك، وعن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مثله.
م:(لأن التحلل وقع بأفعال العمرة فكانت في حق فائت الحج بمنزلة الدم في حق المحصر فلا يجمع بينهما) ش: ولا يقاس أحدهما على الآخر؛ لأن كل واحد منهما قادر، وعاجز على ما يعجز عنه الآخر وعما يقدر عليه. م:(والعمرة لا تفوت) ش: لأنها غير مؤقتة. م:(وهي جائزة في جميع السنة) ش: حتى لو أهل بعمرة في أشهر الحج فقدم مكة يوم النحر يقضي عمرته، ولا دم عليه، والحاصل أن جميع السنة وقتها. م:(إلا خمسة أيام يكره فعلها فيها) ش: أي فعل العمرة في هذه الخمسة أيام.
وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يكره في وقت من السنة، وقال مالك: تكره في أشهر الحج تعظيمًا لأمر الحج. وقد اختلف السلف في العمرة في أشهر الحج، وكان عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ينهى عنها، ويقول: الحج في الأشهر، والعمرة في غيرها أكمل لحجكم وعمرتكم.
والصحيح أن العمرة جائزة فيها بلا كراهة بدليل ما روى البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الصحيح " بإسناده «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتمر أربع عمر في ذي القعدة» .
م:(وهي يوم عرفة ويوم النحر، وأيام التشريق، لما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أنها كانت تكره العمرة في هذه الأيام الخمسة) ش: أخرج البيهقي عن شعبة عن يزيد عن معاذ، عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: العمرة في السنة كلها إلا أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعد ذلك. وقال الشيخ في " الإمام ": وروى إسماعيل بن عباس عن نافع عن طاوس - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإن قال البحر يعني ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: خمسة أيام: عرفة، يوم النحر، وثلاثة أيام التشريق، اعتمر قبلها وبعدها ما شئت.
وقال مخرج الأحاديث: ولم يعزه. قلت: روى سعيد بن منصور - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ورواية عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لا يوافق كلام المصنف، ولا يوافقه إلا حديث ابن عباس -