وقد جرى علي الوعد في مبدأ " بداية المبتدي " أن أشرحها، بتوفيق الله تعالى، شرحا أرسمه ب " كفاية المنتهى "
ــ
[البناية]
المآخذ " بالنواجذ ". والعض بالنواجذ كناية عن الإحكام والإتقان بعد نصب عريض، والشخص إذا أراد شدة الأخذ يعض بالنواجذ، وهي بالذال المعجمة، جمع ناجذ، وهو آخر الأضراس، وللإنسان أربعة نواجذ، في أقصى الأسنان بعد الأرحاء، ويسمى: ضرس الحلم؛ لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل. ويقال: ضحك حتى بدت نواجذه: إذا استغرب فيه. وفيه من السجع المطرف، وقد بيناه فيما مضى.
م: (وقد جرى علي الوعد في مبدأ " بداية المبتدي " أن أشرحها بتوفيق الله - تعالى - شرحا أرسمه بكفاية المنتهي) ش: أصل جرى من الجريان، يقال: جرى الماء وغيره جريا وجريانا، وأجريته أنا: ولما ضمن جرى هاهنا معنى ورد عدي ب " على "، وهو فعل ماض وفاعله " الوعد ". وكلمة " قد " فيه للتحقيق، والمبتدأ بفتح الميم موضع البدء، والبداية، بكسر الباء، مصدر بدأ، يقال بدأت بالشيء بدءا: ابتدأت به، وبدأت الشيء: فعلته. والمبتدئ: فاعل من الابتداء. قوله:" أن أشرحها ": أي: بأن أشرحها، وهو متعلق بالوعد. و " وأن ": مصدرية. والتقدير: وقد جرى علي الوعد للأصحاب بأن أشرح " بداية المبتدي ". الباء في " بتوفيق الله " يتعلق بأشرحها، ومحلها النصب على الحال، تقديره: متلبسا بتوفيق الله - تعالى -: وهو تيسيره علي ذلك.
قوله:" أشرحها شرحا " نصب على المصدرية.
قوله:" أرسمه ": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، في محل النصب على أنها صفة " شرحا ": من رسم الشيء: إذا علم عليه. ورسم عليه: إذا كتب. والمعنى هاهنا: أسميه. فإن قلت: الواو في " وقد جرى " ما هي؟
قلت: يجوز أن تكون عاطفة عطف جملة، ويجوز أن تكون حالية.
فإن قلت: كيف وجه ذلك في الموضعين؟
قلت: أما في الأول، فتكون فيه إشارة إلى هضم نفسه، وإلى أنه غير أهل للتصنيف؛ لأن الاعتبار بالأمثال والوقوف على المآخذ من صفة الرجال الكاملين، وهو ليس منهم، ولكن لما جرى عليه الوعد في مبدأ " بداية المبتدي " شرع فيه حال كون الوعد يسوغ بعض المساغ، لئلا يكون ممن إذا وعد أخلف، فيدخل تحت الوعيد.
وأما في الثاني: ففيه إشارة إلى أن فيه صلاحية للتصنيف، وأنه من أهله، وأنه حصل له الوقوف على المأخذ بالإتقان، كما حصل لهم، فحينئذ جاز له الاعتبار. والحال أنه قد جرى عليه