للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أنه ضحى بكبشين أملحين، أحدهما عن نفسه، والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله تعالى وشهد له بالبلاغ»

ــ

[البناية]

قلنا: أما قولهم قبيح عقلًا غير مسلم. بل يجوز في العقل تعظيم غير المستحق بواسطة محبته له. وباعتبار ذلك استحقق تعظيمه. وأما قولهم قد علم خلافه غير مسلم، ولئن سلم ذلك لقد شرطه أو بالمنع عن الله تعالى. وأما الجواب عن الآية فبثمانية أوجه:

الأول: أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: ٢١] (الطور: الآية ٢١) ، أدخل الأبناء الجنة بصلاح آبائهم، قاله ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

الثاني: خاصة بقوم إبراهيم وقوم موسى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، يعني في صحف إبراهيم وموسى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] للعطف فهذان في صحيفتهما مختص بهما، فأما هذه الأمة فلقد ما سعيت ما سعى لها غيرها، قاله عكرمة.

الثالث: أن المراد بالإنسان الكافر هنا، وأما المؤمن فله ما سعى وما سعي له، قاله الربيع بن أنس بن الفضل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

الخامس: أن معنى ما سعى: ما نوى، قاله أبو بكر الوراق - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

السادس: أن ليس للإنسان الكافر من الخير إلا ما عمله في الدنيا فيثاب عليه في الدنيا حتى لا يبقى له في الآخرة خير البتة، ذكره الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

السابع: اللام بمعنى على أي ليس على الإنسان إلا ما سعى كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] (الإسراء: الآية ٧) ، أي فعليها وكقوله تعالى: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غافر: ٥٢] (الرعد: الآية ٢٥) ، أي وعليهم.

الثامن: ليس إلا سعيه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة يكون سعيه في تحصيل الشيء بنفسه، وتارة لتحصيل سببه لسعيه في تحصيل ولد أو صديق يستغفر الله، وتارة يسعى في خدمة الدين والعبادة، فيكتب محبة أهل الدين والصلاح فيكون ذلك سببًا حصل بسعيه حكى هذا أبو الفرج بن الجوزي.

م: (لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أنه ضحى بكبشين أملحين، أحدهما عن نفسه، والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله تعالى وشهد له بالبلاغ» ش: روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - منهم أبو هريرة وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وروى حديثهما ابن ماجه في " سننه " من طريق عبد الرزاق بإسناده عن عائشة وأبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كان إذا أراد

<<  <  ج: ص:  >  >>