للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل تضحية إحدى الشاتين لأمته

والعبادات أنواع: مالية محضة كالزكاة، وبدنية محضة كالصلاة، ومركبة منهما: كالحج، والنيابة تجري في النوع الأول في حالتي الاختيار والضرورة، لحصول المقصود بفعل النائب. ولا تجري في النوع الثاني بحال؛ لأن المقصود وهو إتعاب النفس لا يحصل به، وتجري في النوع الثالث عند العجز للمعنى الثاني وهو المشقة بتنقيص المال.

ــ

[البناية]

ينفعه عمل غيره والتأسي برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو العروة الوثقى.

م: (جعل) ش: أي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م: (تضحية إحدى الشاتين لأمته) ش: أي ثوابها، أي جعل ثوابها لأمة المؤمنين وهذا دليل صريح على جواز أن يجعل الرجل من ثوابه لغيره، وينتفع به الغير سواء كان حيًا أو ميتا.

م: (والعبادات أنواع: مالية محضة) ش: أي نوع منها عبادة مالية خالصة. م: (كالزكاة) ش: وصدقة الفطر، والمقصود منها صرف المال إلى سد خلة المحتاج. م: (وبدنية محضة) ش: أي نوع مهنا عبادة بدنية محضة. م: (كالصلاة) ش: والمقصود منها التعظيم بالجوارح، وإتعاب النفس الأمارة بالسوء ابتغاء مرضاة الله. م: (ومركبة منهما) ش: أي نوع منها عبادة مركبة من المالية والبدنية. م: (كالحج) ش: وقد ذكرنا في أول الباب أن الصواب أن الحج من العبادات البدنية؛ لأن المال شرط الوجوب.

م: (والنيابة تجري في النوع الأول) ش: وهو العبادة المالية المحضة كالزكاة فتجوز النيابة فيها. م: (في حالتي الاختيار) ش: أي الصحة. م: (والضرورة) ش: أي المرض. م: (لحصول المقصود بفعل النائب) ش: وذلك لأن المقصود هو صرف المال لسد خلة المحتاج، وهو يحصل بفعل النائب؛ لأن المقصود هو صرف المال. م: (ولا تجري) ش: أي النيابة. م: (في النوع الثاني) ش: وهو العبادة البدنية المحضة كالصلاة. م: (بحال) ش: أي في الاختيار والضرورة. م: (لأن المقصود وهو إتعاب النفس لا يحصل به) ش: أي بالنائب. م: (وتجري) ش: أي النيابة. م: (في النوع الثالث) ش: وهو العبادة المركبة من المال والبدن كالحج. م: (عند العجز للمعنى الثاني للمشقة بتنقيص المال) ش: إنما قال للمعنى الثاني؛ لأن الحج يشترط على معنيين: إتعاب النفس وتنقيص المال. فانتفى المعنى الأول عند العجز فتعين الثاني.

وقال الكاكي: وفي بعض النسخ للمعنى الأول، وهو اعتبار كونه ماليًا، وهذا أظهر بالنسبة إلى تقدير الكتاب، ولا يجزئ عند القدرة حتى لو حج صحيح رجلًا، ثم عجز لم يجزه بالإجماع. وفي كتب الشافعية، لو حج المغصوب غيره نظر إن شفي لم يجزه ذلك قولًا واحدًا عند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وإن مات فيه قولان في قول يجوز وبه قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وفي قول لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>