واعترض عليه الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - حيث قال: قال بعضهم في هذا الموضع الحج النفل يقع عن المأمور بالاتفاق، وللأمر ثواب النفقة، وذلك خلاف الرواية ألا ترى إلى ما قال الحاكم الجليل الشهيد في " مختصر الكافي " الحج التطوع عن الصحيح جائز.
ثم قال: وإذا حج الصحيح عن نفسه فهو تطوع، قال: وفي الأصل تكون الحجة عن الحج. م:(وبذلك) ش: أي وبوقوع الحج عن المحجوج عنه. م:(تشهد الأخبار الواردة في الباب) ش: أي في الباب الواردة في الحج عن الغير.
فمن جملة الأخبار ما أخرجه ابن ماجه عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس، قال: حدثني حصين بن عون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قلت: يا رسول الله، «إن أبي أدركه الحج، ولا يستطيع أن يحج إلا معترضا فسكت ساعة، ثم قال: حج عن أبيك» . قال العقيلي قال أحمد بن محمد بن كريب منكر الحديث.
وأخرجه البيهقي عن محمد بن سيرين عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن رجلًا أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكره، قال البيهقي رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مرسلة، قال صاحب " التنقيح ": قال أحمد وابن معين وابن المديني: لم يسمع ابن سيرين من ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قال وقد روى البخاري في " صحيحه " حديثًا من رواية ابن سيرين عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
ومنها ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رجل من بني عامر، «قال: يا رسول الله: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر.» قال الترمذي: حديث حسن صحيح، واسم أبي رزين لقيط بن صبرة، رواه أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه "، والحاكم في " مستدركه "، وقال: على شرط الشيخين.
ومنها ما رواه الطبراني من حديث سودة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن رجلًا قال: يا رسول الله أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج فأحج عنه؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أكان يجزئ عنه؟ " فقال: نعم، قال: " حج عنه» .