للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل واحد منهما أمره أن يخلص الحج له من غير اشتراك، ولا يمكن إيقاعه عن أحدهما لعدم الأولوية فيقع عن المأمور، ولا يمكنه أن يجعله عن أحدهما بعد ذلك، بخلاف ما إذا حج عن أبويه، فإن له أن يجعله عن أحدهما؛ لأنه متبرع بجعل ثواب عمله لأحدهما أو لهما، فيبقى على خياره بعد وقوعه سببا لثوابه، وهنا يفعل بحكم الآمر، وقد خالف أمرهما فيقع عنه. ويضمن النفقة إن أنفق من مالهما؛ لأنه

ــ

[البناية]

الموضع أن الحج في هذه الصورة من وجه يقع للمأمور باعتبار المخالفة ولهذا لا يخرج الأمر عن حجة الإسلام، ومن وجه يقع للآمر من حيث قطع المسألة وتعين النفقة وهذا لا يخرج المأمور عن حجة الإسلام أيضًا، وقد صرح الإمام العتابي وغيره في " شرح الجامع الصغير " أن الحج يقع عن الأمر من وجه، وعن المأمور من وجه، فلا يخرج عن حجة الإسلام لا المأمور ولا الآمر.

والمصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أشار إلى هذين الوجهين أيضًا حيث قال: أولًا فهي عن الحاج، ثم قال الحج يقع عن الآمر، يعني يقع عن وجه من وجه آخر. وقال الأكمل: ذهب الشارحون إلى أن الدليل غير مطابق للمدلول، قوله فهي أي حجة عن الجميع، ويضمن النفقة ودليله لأن الحج يقع عن الآمر، ولا مطابقة بينهما كما ترى، ثم نقل عن السغناقي أن هذا التعليل حكم غير مذكور.

قلت: لا فائدة في ذكر تعليل بدون ذكر المعلل، وتحرير الكلام ما ذكرناه الآن، ثم نقل الأكمل خط الأترازي على الشراح من ثقة، ثم قال أقول بتوفيق الله في تقرير كلامه أي كلام المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقع عن الآمر، على ظاهر الرواية حتى لا يخرج الحاج عن حجة الإسلام ولا يمكن إيقاعه عن الآمر وكيف يمكن!

م: (وكل واحد منهما أمره أن يخلص الحج له من غير اشتراك، ولا يمكن إيقاعه عن أحدهما لعدم الأولوية) ش: يعني ليس أحدهما أولى من الآخر فلا يقع عنهما ولا عن أحدهما. م: (فيقع عن المأمور) ش: كلامه لا يخلو عن الإغلاق. م: (ولا يمكنه أن يجعله لأحدهما بعد ذلك) ش: هذا كأنه جواب عما يقال إذا وقع الحج للمأمور فيجعل عن أيهما شاء، كما إذا حج عن أبويه، فإن له أن يجعل عن أيهما شاء أي إن وقع لنفسه؛ لأنه لما لم يهل به على أولوية المأمور به وقع عن نفسه ولزمه الحج وضمن النفقة.

م: (بخلاف ما إذا حج عن أبويه، فإن له أن يجعله عن أحدهما؛ لأنه متبرع بجعل ثواب عمله لأحدهما أو لهما، فيبقى على خياره بعد وقوعه سببا لثوابه) ش: كما كان قبله. م: (وهنا) ش: أي في المذكور في الصورة الأولى. م: (يفعل بحكم الآمر، وقد خالف أمرهما فيقع عنه) ش: بخلاف ما هناك؛ لأنه متبرع فيه لا بحكم الآمر فكذلك قيد بالآمر؛ لأنه إذا أدى العمرة عن رجلين أو عن أحدهما بلا أمر يصح؛ لأنه في الحقيقة جعل ثوابه للغير. م: (ويضمن النفقة إن أنفق من مالهما؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>