بخلاف ما إذا أدى الأفعال على الإبهام؛ لأن المؤدي لا يحتمل التعيين فصار مخالفا. قال: فإن أمره غيره أن يقرن عنه فالدم على من أحرم؛ لأنه وجب شكرا لما وفقه الله تعالى من الجمع بين النسكين، والمأمور هو المختص بهذه النعمة؛ لأن حقيقة الفعل منه، وهذه المسألة تشهد بصحة المروي عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الحج يقع عن المأمور. وكذلك إن أمره واحد بأن يحج عنه، والآخر بأن يعتمر عنه، وأذنا له بالقران، فالدم عليه
ــ
[البناية]
قلنا: هو بمنزلة الوضوء عندنا ولهذا يجوز أن يكون قبل أشهر الحج.
م:(بخلاف ما إذا أدى الأفعال على الإبهام) ش: هذا متصل بقوله: فاكتفى به شرطا، يعني إذا أهل عن أحدهما، ثم عين أحدهما قبل المضي، صح تعيينه بخلاف ما إذا عين أحدهما بعد المضي، وهو قوله بخلاف ما إذا أدى الأفعال على الإبهام؛ لأنه إذا أدى ثم عين، فإنه يقع ابتداء، ثم التعيين يرد على ما مضى ويحمل، فلا يفيد شيئا، وهو معنى قوله. م:(لأن المؤدي لا يحتمل التعيين فصار مخالفا) ش: لأن ما مضى فات لا يعتمد التعيين كما ذكرنا.
م:(فإن أمره غيره) ش: وفي بعض النسخ قال: فإن أمره غيره، أي قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فإن أمر رجل غيره. م:(أن يقرن) ش: بضم الراء من باب نصر ينصر مفرد له عنه. م:(فالدم) ش: أي الدم القران. م:(على من أحرم) ش: أي وهو القارن. م:(لأنه وجب شكرا لما وفقه الله تعالى من الجمع بين النسكين) ش: أي الحج والعمرة.
م:(والمأمور هو المختص بهذه النعمة؛ لأن حقيقة الفعل منه) ش: ولكن يقع القران على الآمر. وبه قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قول وفي أصح قوليه يجب دم القران من الآمر لأن مقتضى إحرامه أمره به، وكأنه القارن بنفسه.
م:(وهذه المسألة تشهد بصحة المروي عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الحج يقع عن المأمور) ش: لكون الدم عليه، وفيه نظر؛ لأن جميع الدماء في مال الحاج إلا دم الإحصار، فإنه في مال المحجوج عنه، وقيل: لا تدل هذه المسألة عليه؛ لأن سائر الأفعال من الرمي وغيره يوجد منه حقيقة، ويقع شرعًا عن الآمر، ووجوب هذا الدم من باب إقامة النسك وإقامة المناسك عليه حقيقة، وإن انتقل إلى الآمر حكمًا.
م:(وكذلك إن أمره واحد) ش: أي وكذلك وجود الدم على المأمور إن أمره واحد. م:(بأن يحج عنه، والآخر) ش: أي وأمره شخص آخر. م:(أن يعتمر عنه، وأذنا له) ش: أي أذن الاثنان كلاهما. م:(بالقران، فالدم عليه) ش: أي على المأمور، وإنما قيد بالإذن؛ لأنه إذا لم يوجد الإذن منهما بالقران ومع هذا قران، يكون مخالفًا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
فإن قيل: وجوب الدم عليه، لا يتوقف على إذنهما لما أنه على تقرير عدم الإذن يلزمه الدم