لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] (المائدة: الآية ٥) ، أي العفائف
ولا فرق بين الكتابية الحرة والأمة على ما تبين بعد إن شاء الله تعالى: ولا يجوز تزويج المجوسيات،
ــ
[البناية]
واختلف أهل العلم أن لفظ الشرك يتناول أهل الكتاب، فقال بعضهم: يتناوله لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠] ش: (التوبة: الآية ٣٠) .
ثم قال في آخر الآية: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] والأصح أن اسم الشرك مطلقا لا يتناول أهل الكتاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: ٢] (الحجر: الآية ٢) ، {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١] (البينة: الآية ١) ، والعطف يقتضي المغايرة، والمطلق ينصرف إلى الكامل.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] (المائدة: الآية ٥) ش: أي الكتابيات من أحصنت إذا عفت، وأحصنها زوجها إذ أعفها فهي محصنة بالفتح م: (أي العفائف) ش: فسر المصنف المحصنات بالعفائف، وكذا فسر السدي والشعبي.
قال الأكمل: تفسيره بذلك احترازا عن قول ابن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _، فإنه فسره بالمسلمات، وليست العفة شرطا لجواز النكاح، وإنما ذكرها بناء على العادة بدلالة الفرض.
وجه الاستدلال أن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ} [المائدة: ٥] (المائدة: الآية ٥) ، أي: وأحل لكم المحصنات من الذين أوتوا الكتاب فلا خفاء في دلالته على الحل، والعفائف جمع عفيفة من عف عن الحرام يعف عف وعفة، أي كف وهو عف وعفيف، والمرأة عفة وعفيفة.
م: (ولا فرق بين الكتابية الحرة والأمة على ما نبين بعد إن شاء الله تعالى) ش: يعني بعد أسطر، حيث قال: ويجوز تزويج الأمة.
وقال الكاكي: الأولى أن لا يتزوج الكتابية، ولا تؤكل ذبيحتهم إلا للضرورة، لما روي أن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ غضب على حذيفة، وكعب، وطلحة غضبا شديدا، فقالوا: انطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، وكان حذيفة بن اليمان تزوج يهودية، وكذا كعب بن مالك، وطلحة بن عبيد الله.
م: (ولا يجوز تزويج المجوسيات) ش: أي بإجماع الأئمة الأربعة، وفقهاء الأمصار، والصحابة، وهي جمع مجوسية، والذكر مجوسي، والمجوس: يعبدون النار.
وفي " المبسوط ": لا يجوز نكاحها؛ لأنها ليست من أهل الكتاب، وذكر إسحاق في " تفسيره ": جواز نكاحها، على ما روي عنه أن المجوس من أهل الكتاب، وبه قال داود