وابن عباس _ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - _ صح رجوعه إلى قولهم
ــ
[البناية]
ومنها ما أخرجه مسلم وبقيه أصحاب " السنن " من رواية الربيع بن سبرة عن أبيه «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن المتعة، وقال: إنها حرام من يومكم إلى يوم القيامة» .
ومنها ما رواه ابن حبان في " صحيحه " من حديث «أبي هريرة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _، قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك، فنزلنا ثنية الوداع، فرأى نساء يبكين، فقال:" ما هذا "، قيل: نساء استمتع بهن أزواجهن ثم فارقوهن، فقال رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " حرام أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث» .
ومنها ما رواه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال:«رخص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام أوطاس في المتعة ثلاثة أيام ثم نهى عنها» . ومنها ما رواه البيهقي من «حديث أبي ذر إنما أحلت لنا أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متعة النساء ثلاثة أيام نهى عنها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . ومنها ما رواه أبو داود في " سننه " من «حديث الزهري قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ فذكرنا متعة النساء، فقال رجل: قال الربيع بن سبرة: أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عنها في حجة الوداع» انتهى.
ثم أجمعت الصحابة على أن المتعة قد انتسخت في حياة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فكانت الأحاديث ناسخة، والإجماع مظهر؛ لأن نسخ الكتاب والسنة بالإجماع ليس بصحيح على المذهب الصحيح.
فإن قلت: ما وجه الاختلاف المذكور في وقت تحريم المتعة لأنه جاء في زمن خيبر وفي وقت غزوة تبوك في عام أوطاس، وفي حجة الوداع؟
قلت: قال الماوردي: يصح أن ينهى عنها في زمن ثم ينهى عنها في زمن آخر توكيدا، أو ليشهر ويسمعه من لم يكن سمعه أولا أو سمع بعض الرواة في زمن وسمعه آخر في زمن، فنقل كل منهم ما سمعه وأضافه إلى زمن سماعه.
وقال بعضهم: هذا مما تداوله التحريم والإباحة مرتين والله أعلم.
وقال النووي: الصواب والمختار أن التحريم كانا مرتين، وكانت حلالا قبل خيبر ثم حرمت بعد خيبر ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس، ثم حرمت يومئذ بعده ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة واستمر التحريم.
م:(وابن عباس _ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - _ صح رجوعه إلى قولهم) ش: هذا جواب عما يقال: أين الإجماع وقد كان ابن عباس مخالفا؟ فأجاب بقوله: وابن عباس صح رجوعه عن إباحة المتعة