لأن النكاح يراد لمقاصده والتفويض إليهن مخل بها. إلا أن محمدا _ - رَحِمَهُ اللَّهُ - _ يقول يرتفع الخلل بإجازة الولي
ــ
[البناية]
حديث الحسن عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدي عدل» .
وروى ابن ماجه من رواية هشام عن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» .
وروى ابن عدي في " الكامل " من حديث قبيصة بن ذؤيب عن معاذ بن جبل _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أيما امرأة تزوجت بغير ولي فهي زانية» .
وروى الطبراني في " الأوسط " من حديث أبي سفيان عن جابر مرفوعا: «لا نكاح إلا بولي فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» .
وروى ابن عدي في " الكامل " من حديث أصبغ بن نباتة عن علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له» .
وفي الباب أيضا عن عبد الله بن عمر وأبي ذر والمقداد بن الأسود والمسور بن مخرمة وأم سلمة وزينب بنت جحش _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - _.
وأما استدلالهم: بطريق المعقول فهو ما أشار إليه المصنف بقوله: م: (لأن النكاح يراد لمقاصده) ش: ومقاصده هو أن يستدعي التوافق بينهما عادة ولا يوفق عليها إلا بالعقل الكامل، وعقلها ناقص بالحديث م: (والتفويض إليهن) ش: أي تفويض عقد النكاح إلى النساء م: (مخل بها) ش: أي مقاصد النكاح، لأنهن سريعات الاغترار سيئات الاختيار لا سيما عند هيجان الشهوة، فإن الشهوة إذا ثارت حجبت العقول من تحسين النظر في العواقب.
قلنا: هذا مردود بما أذن لها الولي بأن يأذن الولي بخير الخلل، فكان الواجب الجواز حينئذ وهم لا يقولون به.
وأشار إلى هذا بقوله: م: (إلا أن محمدا يقول: يرتفع الخلل بإجازة الولي) ش: والاستثناء من قوله: مخل بها، فالذي قاله محمد جواب بالرد لما قال الخصم، وتقرير ما قاله محمد أن الغرر الموهوم ينتفي بإجازة الولي ولا خلل في نفس العبد فيصبح موقوفا بإجازته.
وقال أيضا: ينفذ عقد الولي عليها بسكوتها عنده، ولو لم يكن له ولاية عليها لم ينفذ بسكوتها كالأجنبي.