وهو في " الأصل " التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، مطلقة كانت أو متوفى عنها زوجها. قيل وأراد بها هنا الثيب خاصة، على ما نبين إن شاء الله تعالى.
وقد ذكرت في شرحي لمعاني الآثار للطحاوي، وقد اختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة، أنه يطلق على كل امرأة لا زوج لها صغيرة كانت أو كبيرة، بكرا كانت أو ثيبا، وذهب علماء الحجاز، وكافة العلماء إلى أن المراد بها هاهنا الثيب التي فارقها زوجها، وقالوا: بأنه أكثر استعمالا فيمن فارقت زوجها بموت أو طلاق، وبرواية الأثبات فيه الثيب مفسرا، وهو أيضا لفظ مسلم:«الثيب أحق بنفسها من وليها» "، ويقابله:«البكر تستأمر في نفسها» ، ولو كان المراد بالأيم كل ما لا زوج لها من الأبكار وغيرهن، وأن جميعهن أحق بأنفسهن لم يكن لتفصيل الأيم من البكر معنى.
وذهب الكوفيون وزفر إلى أن الأيم هنا يطلق على ظاهره في اللغة، فإن كل امرأة بكرا كانت أو ثيبا إذا بلغت فهي أحق بنفسها من وليها وعقدها على نفسها جائز، وهو قول الشعبي، والزهري أيضا، قالوا: وليس الولي من أركان صحة العقد، ولكن من تمامه وجماله.
قلت: لا شك أن قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الأيم أحق بنفسها» عام يتناول الثيب والبكر والمتوفى عنها زوجها، ويجب العمل بعموم العام، وأنه موجب للحكم فيما يتناوله قطعا.
فإن قلت: رواية الثيب أحق بنفسها تفسير الأيم أحق بنفسها.
قلت: هذه الرواية ليست فيها إجمال حتى تكون تلك الرواية مفسرة لها بل يعمل بكل واحدة من الروايتين، فيعمل برواية الأيم على عمومها، وبرواية الثيب على خصوصها، ولا منافاة بين الروايتين، على أن أبا حنيفة يرجح العمل بالعام على العمل بالخاص، ويجمع الأيم على الأيامى.
وقال الجوهري: الأيامى الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، وأصلها أيايم، فقلبت؛ لأن الواحد أيم، سواء كان تزوج من قبل أو لم يتزوج، وامرأة أيم أيضا بكرا كانت أو ثيبا، وقد أمت المرأة من زوجها، تيم أيمة، وإيماء، وأيموما، وأيمت المرأة، وتأيم الرجل زمانا إذا مكث لا يتزوج، وقيل: أكثر ما يستعمل في النساء، وقد قيل في المرأة: أيمة، قوله: والبكر تستأذن، أي يطلب منها الإذن في نكاحها.
فإن قلت: قال الترمذي بعد أن ذكر هذا الحديث: وقد احتج به بعض الناس في إجازة النكاح بغير ولي، وليس فيه ما قد احتجوا به؛ لأنه قد روي من غير وجه، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا نكاح إلا بولي» وهكذا أفتى به بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:«لا نكاح إلا بولي» . وإنما معنى قوله