وكذا إذا كان المهر مكيلا، أو موزونا أو شيئا آخر في الذمة؛ لعدم تعينها. فإن لم تقبض الألف حتى وهبتها له، ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء في قولهم جميعا، وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق، وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأنه سلم المهر له بالإبراء، فلا تبرأ عما يستحقه بالطلاق قبل الدخول. ووجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول، وهو براءة ذمته عن نصف المهر، ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقصود.
ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره، أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل
ــ
[البناية]
م:(وكذا) ش: أي وكذا يرجع عليها بالنصف م: (إذا كان المهر مكيلاً، أو موزوناً، أو شيئا آخر في الذمة) ش: كالعدة، وليس في الكثير من النسخ لفظ " أو شيئاً "؛ بل هو " أو موزوناً آخر " بلفظ: " آخر " صفة الموزون.
وقال الأترازي: أو موزوناً آخر غير الدراهم والدنانير - يعني غير مقبوض بأن تزوجها، وجعل مهرها كذا وكذا أكراً من الحنطة، أو الشعير، أو كذا وكذا رطلاً من الأشياء التي توزن، أو شيئاً آخر عين المكيل والموزون، وكل ذلك بلا قبض، وعلل هذا بقوله: م: (لعدم تعينها) ش: أي لعدم تعيين هذه الأشياء عند العقد، ولهذا لم يجب عليها رد عين ما قبضت. م:(فإن لم تقبض الألف) ش: أي فإن لم تقبض المرأة الألف التي أصدقها عليها م: (حتى وهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما) ش: أي من الزوجين م: (على صاحبه بشيء) ش: من ذلك م: (في قولهم جميعاً) ش: أي في قول أبي حنيفة وصاحبيه استحساناً.
م:(وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق وهو قول زفر؛ لأنه) ش: أي لأن الزوج م: (سلم المهر له بالإبراء) ش: وما سلم له بالإبراء غير ما يستحقه بالطلاق وهو براءة ذمته عما عليه من نصف المهر بالطلاق قبل الدخول فالزوج سلم له غير ما يستحقه م: (فلا تبرأ) ش: أي المرأة م: (عما يستحقه) ش: أي الزوج م: (بالطلاق قبل الدخول) ش: فالزوج يسلم له وهو النصف.
م:(ووجه الاستحسان أنه) ش: أي أن الزوج م: (وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو براءة ذمته عن نصف المهر) ش: لكن بسبب آخر وهو الإبراء م: (ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقصود) ش: وهو براءة ذمة الزوج عن نصف المهر؛ لأن الأسباب غير مطلوبة لذاتها بل لأحكامها، ألا ترى أن من يقول لآخر: لك علي ألف درهم ثمن هذه الجارية التي اشتريتها منك، وقال الآخر: الجارية جاريتك ولي عليك ألف، لزمه المال لحصول المقصود، وإن كذبه في السبب وهو بيع الجارية.
م: (ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره، أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل