وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجب مهر المثل في الوجهين جميعا، لأن عنده ما لا يصلح ثمنا في البيع لا يصلح مسمى في النكاح، إذ كل واحد منهما معاوضة. ولنا: أنه معاوضة مال بغير مال فجعلنا التزام المال ابتداء، حتى لا يفسد في أصل الجهالة كالدية والأقارير، وشرطنا أن يكون المسمى مالا وسطه معلوم، رعاية للجانبين، وذلك عند إعلام الجنس، لأنه يشتمل على الجيد، والرديء، والوسط ذو حظ منهما، بخلاف
ــ
[البناية]
تكلم الشراح في هذا الموضع، وأطالوا الكلام، وملخصه أن المصنف سمى الفرس والحمار جنساً وليس كذلك، بل هما نوع من الحيوان، كما عرف في موضعه.
والجواب على ذلك: أن المصنف أراد بالجنس ما هو مصطلح الفقهاء، وهو النوع باصطلاح غيرهم، ثم في المسألة الأولى صحت التسمية ويجب الوسط، وفي المسألة الثانية لا تصح التسمية للجهالة الفاحشة، ويلزم مهر المثل، وبه قال مالك وأحمد م:(وقال الشافعي: يجب مهر المثل في الوجهين جميعاً، لأن عنده ما لا يصلح ثمناً في البيع، لا يصلح مسمى في النكاح) ش: قال الشافعي: الحكم في الوجهين المذكورين على البيع، لأن النكاح عقد معاوضة كالبيع م:(إذ كل واحد منهما معاوضة) ش:.
م:(ولنا أنه معاوضة مال بغير مال) ش: لأنه التزام المال ابتداء بغير عوض، وهو معنى قوله: م: (فجعلنا التزام المال ابتداء، حتى لا يفسد في أصل الجهالة) ش: المستدركة في الوصف م: (كالدية) ش: فإن الشرع جعل فيها مائة من الإبل، غير موصوفة.
م:(والأقارير) ش: هو جمع إقرار، فإنه يلزم فيها مال من غير أن يكون في مقابلها عوض مالي م:(وشرطنا أن يكون المسمى مالا وسطه معلوم) ش: قال الكاكي: هذا جواب سؤال مقدر، وهو أن يقال: لا أشبه عقد النكاح بالإقرار في كونه التزام مال ابتداء، وينبغي أن تصح التسمية فيما إذا سمى الحيوان، ولم يبين نوعه كما لو أقر بشيء، يصح الإقرار ويلزمه البيان.
فقال: وشرطنا أن يكون المسمى بالأوسط معلوم وسطه مبتدأ، ومعلوم خبره، والجملة صفة لقوله: مالا والوسط بفتح السين، وأصله أن يكون اسماً من جهة أنه أوسط الشيء، وأفضله وخياره، وقد يأتي صفة كوسط المرعى خير من طرفيه، ووسط الدابة للركوب خير من طرفيها، وهنا أيضاً كذلك، لأنه اسم لما بين طرفي الشيء، والوسط بالسكون فهو ظرف لا اسم، يعني بين، يقال: جلست وسط القوم أي بينهم م: (رعاية للجانبين) ش: يعني جانب الزوج، وجانب المرأة، كما في الزكاة يراعى ذلك لجانب الغني والفقير.
م:(وذلك عند إعلام الجنس، لأنه يشتمل على الجيد والرديء، والوسط ذو حظ منهما) ش: يعني من الجيد والرديء، لأن الوسط بالنسبة إلى الرديء جيد، وبالنسبة إلى الجيد رديء م: (بخلاف