للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنده له حكم الصحة في الصحيح، إلا أن المحرمية تنافي بقاء النكاح فيفرق، بخلاف العدة؛ لأنها لا تنافيه، ثم بإسلام أحدهما يفرق بينهما، وبمرافعة أحدهما لا يفرق عنده، خلافا لهما. والفرق أن استحقاق أحدهما لا يبطل بمرافعة صاحبه، إذ لا يتغير به اعتقاده، أما اعتقاد المصر بالكفر لا يعارض إسلام المسلم، لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه،

ــ

[البناية]

قول أبي يوسف الآخر أنه يفرق بينهما إذا علم ذلك، لما روي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كتب إلى عماله أن فرقوا بين المجوس ومحارمهم.

قلنا: هذا غير مشهور، وإنما المشهور ما كتب عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلى الحسن البصري قال: ما بال الخلفاء الراشدون تركوا أهل الذمة، وما هم عليه من نكاح المحارم، وإفشاء الخمور والخنازير، فكتب إليه إنما بذلوا الجزية ليتركوا ما يعتقدون، وإنما أنت متبع، ولست بمبتدع والسلام، ولأن الولاة والقضاة من ذلك الوقت إلى يومنا هذا لم يشتغل أحد منهم بذلك، مع علمهم بمباشرتهم ذلك، فحل محل الإجماع.

م: (وعنده) ش: أي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (له حكم الصحة) ش: أي لنكاح المحارم حكم الصحة م: (في الصحيح) ش: احترز به عن قول مشايخ العراق: إن حكم البطلان في حقهم كقول أبي يوسف ومحمد، فلا يتعرض لهم لعقد الذمة. وجه الصحيح أن الخطاب في حقهم كأنه غير نازل؛ لأنهم يكذبون المبلغ، ويزعمون عدم رسالته، وولاية الإلزام بالسيف والمحاجة، وقد انقطعت بعقد الذمة وقصر حكم الخطاب عنهم، وشيوع الخطاب إليهم إنما يعتبر في حق من يعتقد رسالة المبلغ، فإذا اعتقدها بالإسلام ظهر حكم الخطاب.

م: (إلا أن المحرمية) ش: جواب عن هذا التشكيك، ووجها المحرمية م: (تنافي بقاء النكاح فيفرق) ش: بينهما كما لو اعترضت المحرمية على نكاح المسلمين برضاع أو مصاهرة م: (بخلاف العدة؛ لأنها لا تنافيه) ش: أي لأن العدة لا تنافي بقاء النكاح م: (ثم بإسلام أحدهما يفرق بينهما) ش: بالاتفاق م: (وبمرافعة أحدهما لا يفرق عنده) ش: أي لا يفرق بينهما عند أبي حنيفة م: (خلافا لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد، وقد مر الكلام فيه عن قريب.

م: (والفرق) ش: يعني بين التفريق بإسلام أحدهما، وعدم التفريق بمرافعة أحدهما م: (أن استحقاق أحدهما) ش: بواجب النكاح وحقوقه م: (لا يبطل بمرافعة صاحبه، إذ لا يتغير به اعتقاده) ش: يعني اعتقاده بمرافعة صاحبه، وهذا المعنى موجود فيما إذا أسلم أحدهما أيضا، لكن يترجح الإسلام، فيفرق بينهما بإسلام أحدهما، وهو معنى قوله: م: (أما اعتقاد المصر) ش: على دينه الباطل م: (لا يعارض إسلام المسلم؛ لأن الإسلام يعلو) ش: على كل شيء م: (ولا يعلى) ش: أي لا يعلى م: (عليه) ش: شيء، فلا يعارضه إصرار الآخر على دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>