وبعده متأكد، فيتأجل إلى انقضاء ثلاث حيض، كما في الطلاق. ولنا أن المقاصد قد فاتت، فلا بد من سبب تبنى عليه الفرقة، والإسلام طاعة لا يصلح سببا لها، فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد، بالإسلام، أو تثبت الفرقة بالإباء. وجه قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الفرقة بسبب يشترك فيه أحد الزوجان، فلا تكون طلاقا كالفرقة بسبب الملك.
ــ
[البناية]
وبعده) ش: أي بعد الدخول م: (متأكد) ش: فلا يرتفع بنفس اختلاف الدين م: (فيتأجل) ش: أي التفريق م: (إلى انقضاء ثلاث حيض) ش: قال الشراح قوله: ثلاث حيض ليس بصواب بل الصواب ثلاثة أطهار؛ لأن العدة عنده بالأطهار، وقيل: معناه كان الشافعي يقول: ينبغي أن يتأجل عندكم إلى انقضاء ثلاث حيض.
م:(كما في الطلاق) ش: يريد أن نفس الطلاق قبل الدخول يرفع النكاح، وبعده لا يرفع إلا بعد انقضاء العدة، وبقول الشافعي قال أحمد، وقال أحمد في رواية: يفسخ النكاح في الحال، وقال مالك: إن أسلمت الزوجة أولا فالحكم على ما ذكره الشافعي، وإن أسلم الزوج أولا، فإن أسلمت في الحال يقيما على نكاحهما، وإلا فسخ نكاحهما.
م:(ولنا أن المقاصد) ش: بالنكاح من السكن والازدواج م: (قد فاتت، فلا بد من سبب تبنى عليه الفرقة، والإسلام طاعة لا يصلح سببا لها) ش: للفرقة م: (فيعرض الإسلام) ش: على الزوج م: (لتحصل المقاصد بالإسلام) ش: إن أسلم م: (أو تثبت الفرقة بالإباء) ش: أي بإباء الزوج عن الإسلام، أي بامتناعه عنه ومذهبنا مروي عن عمر، وعلي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فإن دهقانة في نهر الملك أسلمت، فأمر عمر ٠ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بعرض الإسلام على زوجها، فقال: إن أسلم، وإلا فرق بينهما.
ويروى أن دهقانا أسلم في عهد علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فعرض الإسلام على امرأته فأبت، ففرق بينهما، كذا في " المبسوط "، والدهقان: كل سيد من العجم، والذال لغة فيه، ونهر الملك على طريق الكوفة إلى بغداد وقد طول الأكمل هنا.
حاصله أن سبب الفرقة الإباء عن الإسلام، لأن الإسلام لا يصح سببا لما ذكرنا ولا كفر من بقي عليه، لأنه موجود قبل هذا، فلم يصلح سببا إلا الإباء؛ لأنه صالح بسبب النعم، وإذا أضيف القول إليه أضيف ما يستلزمه الفوات، وهو الفرقة، فكانت الفرقة مضافة إلى الإباء.
ولما فرغ المصنف من البحث مع الشافعي شرع في البحث مع أبي يوسف وهو قوله: م: (وجه قول أبي يوسف: أن الفرقة بسبب) ش: وهو الإباء م: (يشترك فيه الزوجان) ش: على معنى أنه متحقق من كل منهما م: (فلا تكون) ش: أي الفرقة م: (طلاقا) ش: بل تكون فسخا عند الشافعي بسبب اختلاف الدين، وذلك متحقق في كل منهما م:(كالفرقة بسبب الملك) ش: بأن ملك أحد الزوجين الآخر، إذ الطلاق لا يتصور منهما، فكل سبب يتصور منهما لا يكون طلاقا.