للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال غدا كان إضافة، والمضاف لا ينجز لما فيه من إبطال الإضافة فلغا اللفظ الثاني في الفصلين. ولو قال أنت طالق في غد، وقال نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: لا يدين في القضاء خاصة، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، فصار بمنزلة قوله غدا؛ على ما بيناه، ولهذا يقع في أول جزء منه عند عدم النية، وهذا لأن حذف (في) وإثباته سواء، لأنه ظرف في الحالين. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه نوى حقيقة كلامه، لأن كلمة (في) للظرف، والظرفية لا تقتضي الاستيعاب وتعيين الجزء الأول ضرورة عدم المزاحم فإذا عين آخر النهار كان التعيين القصدي أولى بالاعتبار من الضروري، بخلاف قوله غدا،

ــ

[البناية]

م: (ولو قال: غدًا كان إضافة، والمضاف لا ينجز لما فيه من إبطال الإضافة، فلغا اللفظ الثاني في الفصلين) ش: في قوله أنت طالق اليوم غدًا، وقوله غدًا اليوم، فإن قيل لم لم يجعل غدًا ظرفًا لطلاق آخر.

وأجيب: بأنه يحتاج إلى تقدير أنت طالق، والأصل خلافه فلا يصار إليه في غير موضع الضرورة، وفيه نظر، لأن صون كلام العاقل عن الإلغاء نوع ضرورة، والأولى أن يقال وصفها بالطلاق اليوم وغدًا، وبالطلقة الواحدة يحصل هذا المقصود، فلا حاجة إلى غيرها، فعلى هذا كان كلامه مصونًا عن الإلغاء.

فإن قيل هذا لا يتم في الصورة الثانية وهو قوله أنت طالق غدًا اليوم، لأنه وصفها بالطلاق غدًا، والموصوف به غدًا لا يكون موصفًا به اليوم. أجيب: بأن إيقاع الثانية فيها مفض إلى المكروه، وهو إيقاع الطلقتين دفعة واحدة، لا ينتفي لإثباتها، فيكون الثاني لغوًا.

م: (ولو قال: أنت طالق في غد، وقال: نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة، وقالا يدين في القضاء خاصة، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، فصار بمنزلة قوله غدًا على ما بيناه) ش: هو أنه تخصيص العموم، وهو خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ويصدق ديانة، م: (ولهذا) ش: أي ولأجل كونه وضعها بالطلاق في جميع الغد م: (يقع) ش: أي الطلاق م: (في أول جزء منه) ش: أي من الغد م: (عند عدم النية وهذا) ش: أي وقوع الطلاق في أول جزء منه عند عدم النية م: (لأن حذف م: (في) ش: وإثباته سواء لأنه ظرف في الحالين) ش: أي: الحذف والإثبات. م: (ولأبي حنيفة أنه نوى حقيقة كلامه) ش: لأنه لما قال في الغد جعل الغد ظرفا م: (لأن كلمة م: (في) ش: للظرف، والظرفية لا تقتضي الاستيعاب) ش: أي استيعاب المظروف، كقولنا: زيد في الدار يقتضي وجوده في جزء من أجزاء الظرف، وقد يشغل جميع المظروف، فكان كلامه محتملًا للوجهين م: (وتعيين الجزء الأول ضرورة عدم المزاحم، فإذا عين آخر النهار كان التعيين القصدي) ش: من المعين م: (أولى بالاعتبار من الضروري، بخلاف قوله غدًا) ش: يعني إذا قال غدًا بدون ذكر كلمة (في)

<<  <  ج: ص:  >  >>