ومسألة الرجعة ممنوعة فتقع واحدة بائنة إذا لم تكن له نية أو نوى الثنتين، أما إذا نوى الثلاث فثلاث لما مر من قبل، ولو عنى بقوله: أنت طالق واحدة، وبقوله: بائن أو البتة أخرى تقع تطليقتان بائنتان،
ــ
[البناية]
لم يعتبره طلاقًا لئلا يتغير المشروع، وهو شرعية الوقوع بألفاظ الطلاق.
م:(ومسألة الرجعة ممنوعة) ش: هذا جواب عن قول الشافعي كما إذا قال: أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك، يعني لا نسلم أنه لا يقع بائنًا بل يقع واحدة بائنة، وهو معنى قوله م:(فتقع واحدة بائنة إذا لم تكن له نية أو نوى الثنتين) ش: أي الطلقتين م: (أما إذا نوى الثلاث) ش: أي الطلقات الثلاث م: (فثلاث) ش: أي يقع ثلاث طلقات م: (لما مر من قبل) ش: أي في باب إيقاع الثلاث بقوله، ونحن نقول: نية الثلاث إنما صحت لكونها جنسًا آخر.
وقال الكاكي: مسألة الرجعة ممنوعة يعني تقع واحدة بائنة فيها، ولئن سلم فالفرق في قوله أن لا رجعة صرح بنفي الشروع وفي مسألتنا وصف البينونة، وما نفى الرجعة صريحًا، ولكن يلزم منها نفي الرجعة ضمنًا، وكم من شيء يثبت ضمنًا ولا يثبت قصدًا، كذا سمعته من شيخي العلامة.
وذكر الأكمل هذا برمته، قال: كذا قال شيخي العلامة وشيخه هو قوام الدين الكاكي وشيخ قوام الدين هو عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري أي الإمام البحر في الفقه والأصول شارح البزدوي، وكان وضع كتابًا على " الهداية " بسؤال قوام الدين المذكور إياه حين اجتمع به بترمذ، وتفقه عليه، ووصل إلى كتاب النكاح واخترمته المنية برد الله مضجعه.
م:(ولو عنى بقوله: أنت طالق واحدة، وبقوله: بائن أو البتة أخرى) ش: أي طلقة أخرى م: (تقع تطليقتان بائنتان) ش: وقياس قول الشافعي تطليقتان رجعيتان. وقال في " فتاوى " الولوالجي وقيل: الأول يقع رجعيًا. وقال الأترازي: أقول هذا أصح عندي، لأن قوله: بائن في قوله: أنت طالق بائن، وقع خبرًا بعد خبر للمبتدأ، كما في قولهم: زيد عالم عامل، أي جامع لهذين الوصفين، فثبت لكل واحد منهما موجبه، وموجب الطلاق ثبوت الرجعة، وموجب البائن ثبوت البينونة، ولا معنى لثبوت التطليقتين البائنتين، ولا يلزم من كون الثاني بائنًا كون الأول بائنًا، انتهى.
قلت: هذا كله مبادر من غير تأمل، ولا يخلو عما هو قصر، لأن قوله: خبر بعد خبر لا يصل أن يكون مصححًا لكلامه بل هو يرد كلامه، لأن معناه كأنه قال أنت طالق أنت بائن نعم، كان قوله أنت طالق يقتضي أن يكون رجعيًا ابتداء، إلا أنه جعل بائنًا لعدم الإمكان، لأن الثاني يكون بائنًا لا محالة عندنا فيكون الأول بائنًا أيضًا ضرورة، إذ لا يتصور بقاء الأول رجعيًا إذا صار الثاني بائنًا.