ثم الأصل عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه متى شبه الطلاق بشيء يقع بائنا أي شيء كان المشبه به، يذكر العظم أو لم يذكر؛ لما مر أن التشبيه يقتضي زيادة وصف، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أن ذكر العظم يكون بائنا وإلا فلا أي شيء كان المشبه به. لأن التشبيه قد يكون في التوحيد على التجريد، أما ذكر العظم فللزيادة لا محالة، وعند زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - إن كان المشبه به مما يوصف بالعظم عند الناس يقع بائنا وإلا فهو رجعي. وقيل: محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقيل مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وبيانه في قوله: مثل رأس الإبرة
ــ
[البناية]
وأقصى الطلاق وأكثره واحدة رجعية وهو المذهب، ويحتمل الثلاث في أقصاه، قال السروجي: هذا الاحتمال هو الحق والمذهب ضعيف جدًا. ولو قال: أنت طالق عدد التراب يقع واحدة عند أبي يوسف، واختاره البغوي وأحمد. وفي جوامع الفقه عن محمد عدد الرمل ثلاث، لأنه ذو عدد، بخلاف التراب روايتان عنه. ولو قال: أنت طالق واحدة مائة مرة لم يقع إلا وحدة قاله المتولي عن الشافعية وهو بعيد جدًا.
وفي المرغيناني قال: أنت طالق كثلاث فهي واحدة بائنة عند أبي يوسف، وثلاث عند محمد كما لو قال كعدد ثلاث. ولو قال كعدد الشمس أو القمر فهي واحدة بائنة عند أبي حنيفة ورجعية عند أبي يوسف، وعن محمد كالنجوم واحدة، وكعدد النجوم ثلاث. وفي المرغيناني وغيره قال: أنت طالق كعدد كل شعرة على جسد إبليس - لعنه الله - يقع واحدة حتى يعلم عدد شعره، أو هل له شعر. وذكر الكرخي: لو قال: أنت طالق عدد شعر رأسي وعدد شعر ظهر كفي، وقد طلقت ثلاثًا، لأن الشعر ذو عدد، وإن لم يكن موجودًا. وإن قال كالثلج فهو بائن.
م:(ثم الأصل عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ش: أراد بهذا بيان الأصل الذي يبنى عليه أقوال الإمام وصاحبيه وزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - تعالى م:(أنه) ش: أي أن الرجل م: (متى شبه الطلاق بشيء) ش: من الأشياء م: (يقع الطلاق بائنًا، أي شيء كان المشبه به يذكر العظم أو لم يذكر لما مر) ش: عن قريب م: (أن التشبيه يقتضي زيادة وصف) ش: وزيادة الوصف توجب البينونة.
م:(وعند أبي يوسف أن ذكر العظم يكون بائنًا، وإلا فلا أي شيء كان المشبه به) ش: يعني سواء كان صغيرًا أو كبيرًا م: (لأن التشبيه قد يكون في التوحيد على التجريد) ش: أي من وصف العظم م: (أما ذكر العظم فللزيادة لا محالة) ش: وذلك بالبينونة م: (وعند زفر إن كان المشبه به مما يوصف بالعظم عند الناس يقع بائنًا وإلا فهو رجعي) ش: سواء ذكر العظم أو لم يذكر م: (وقيل محمد مع أبي حنيفة، وقيل محمد مع أبي يوسف) ش: أشار بهذا إلى أن قول محمد مضطرب. وفي " الذخيرة " عند أبي يوسف ومحمد أن ذكر العظم كان بائنًا، وإن كان المشبه به حقيرًا. وإن لم يذكر العظم وإن كان له حد يقع بائنًا وإلا يكون رجعيًا.
م:(وبيانه) ش: أي بيان هذا الخلاف م: (في قوله: مثل رأس الإبرة) ش: أي في قوله أنت