للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار كما إذا قال لها طلقي نفسك فقالت أنا أطلق نفسي، وجه الاستحسان حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، فإنها قلت لا بل أختار الله ورسوله، واعتبره النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جوابا منها ولأن هذه الصيغة حقيقة في الحال، وتجوز في الاستقبال كما في كلمة الشهادة وفي أداء الشهادة، بخلاف قولها أطلق نفسي لأنه تعذر حمله على الحال؛

ــ

[البناية]

والاحتمال م: (فصار هذا كما إذا قال لها طلقي نفسك، فقالت أنا أطلق نفسي) ش: أي فلا يقع الطلاق قياسًا واستحسانًا، وبه قال الشافعي إلا إذا قال أردت إنشاء الطلاق، فحينئذ يقع.

م: (وجه الاستحسان حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، فإنها قالت لا بل أختار الله ورسوله، واعتبره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جوابًا منها) ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن ابن شهاب عن أبي سلمة «عن عائشة قالت لما أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك، وقد علم أن أبواي يأمراني بفراقه، قال إن الله تعالى قال {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ} [الأحزاب: ٢٨] إلى قوله {أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٩] (الأحزاب: الآية ٢٨) ، فقلت ففي هذا أستأمر أبواي، فإني أريد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والدار الآخرة، ثم فعل أزواج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل الذي فعلت» . وفي لفظ لمسلم «بل أختار الله ورسوله» . وروى الأئمة الستة في كتبهم عن مسروق «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت خيرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاخترناه فلم يعدده علينا شيئًا» . وفي لفظ لهما فلم يعد ذلك طلاقًا.

م: (ولأن هذه الصيغة حقيقة في الحال، ويجوز في الاستقبال) ش: قال الأترازي فيه نظر، لأن أهل اللغة قالوا إن صيغة المضارع مشتركة بين الحال والاستقبال، وكلامهم فيما يتعلق بالوضع والمشترك يدل على المعنيين جميعًا بسبيل الحقيقة، لكن يترجح أحد المعنيين بالدليل، وقد دل على إرادة الحال فيما نحن فيه انتهى.

قلت: إطلاق النظر فيه غير مسلم، لأن فيه خلافًا، منهم من قال مثل قول المصنف، ومنهم من قال بالعكس، ومنهم من قال بالاشتراك، وهو قول مرجوح، لأن اللفظ إذا دار بين الاشتراك والمجاز، فالمجاز أولى، لأن الاشتراك مخل بالفهم. ومعنى قول المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حقيقة في الحال يعني بحسب استعمال الشرع والعرف، ويقال فلان يختار كذا، وأنا أختار كذا، ويقال أنا أملك كذا من العبيد وغيرها، والمراد الحال، وأشار إلى ذلك بقوله. م: (كما في كلمة الشهادة، وفي أداء الشهادة) ش: أي يدل على الحال لفظ أشهد في كلمة الشهادة، وفي أداء الشهادة فإن لفظ أشهد فيها يدلان على الحال شرعًا، فإن الرجل إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يعتبر ذلك منه إيمانًا، لا وعدًا بالإيمان. وكذا الشهادة إذا قال شهد بكذا فلا يعاد إلى المجاز م: (بخلاف قولها) ش: أي قول المرأة م: (أنا أطلق نفسي) ش: في الجواب عن قول الزوج اختاري م: (لأنه تعذر حمله على الحال) ش: لأنه الطلاق ليس من عمل

<<  <  ج: ص:  >  >>