وله أن هذا الوصف لغو؛ لأن المجتمع في الملك لا ترتيب فيه، كالمجتمع في المكان، والكلام في الترتيب، والإفراد من ضروراته، فإذا لغا في حق الأصل، لغا في حق البناء. ولو قالت: اخترت اختيارة فهي ثلاث في قولهم جميعا؛ لأنها للمرة، فصار كما إذا صرحت بها. ولأن الاختيارة للتأكيد، وبدون التأكيد تقع الثلاث فمع التأكيد أولى. ولو قالت: قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة تملك الرجعة، لأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق بعد انقضاء العدة،
ــ
[البناية]
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م:(أن هذا) ش: إشارة إلى ذكر الأولى والوسطى والأخيرة م: (الوصف لغو) ش: أي وصف لغو م: (لأن المجتمع في الملك لا ترتيب فيه كالمجتمع في المكان) ش: فإن القوم إذا اجتمعوا في مكان لا يقال هذا أول وهذا آخر، وإنما الترتيب في فعل الأعيان، يقال هذا جاء أولًا وهذا جاء آخرًا م:(والكلام في الترتيب) ش: وهو الأول ( ... ) م: (والإفراد من ضروراته) ش: أي من ضرورات الكلام.
م:(فإذا لغا) ش: أي الكلام م: (في حق الأصل) ش: وهو الترتيب م: (لغا في حق البناء) ش: وهو الإفراد، لأن الترتيب فيه أصل، بدلالة الاشتقاق. وإذا لغا في حقها بقي قولها: اخترت، وهو يصلح جوابًا للكل، فيقع الثلاث، قيل: فيه نظر من وجهين، أحدهما: أنه أطلق الكلام على الأولى والوسطى والأخيرة، وكل مفرد فلا يكون كلامًا، والثاني أن الأولى اسم لفرد سابق، فكان الإفراد أصلًا والترتيب بناء لكونه يفهم من وصفه. والجواب عن الأول أن أهل اللغة ربما يطلقون الكلام على المركب من الحروف المسموعة المتميزة، وإن لم يكن مفيدًا، وهذا على ذلك الاصطلاح، ويجوز أن يكون مجازًا من باب ذكر الكل وإرادة الجزء.
وعن الثاني بأن كلًا من ذلك صفة، وما ذكر عن ذات باعتبار معنى، فيكون الأولى دالة على الفرد السابق، ومعنى السبق هو المقصود.
م:(ولو قالت اخترت اختيارة، فهي ثلاث في قولهم جميعًا) ش: يعني لو قالت المرأة: اخترت اختيارة في جواب قول الرجل اختاري اختاري اختاري فهي ثلاث طلقات في قول أبي حنيفة وصاحبيه م: (لأنها) ش: أي لأن لفظ اختيارة م: (للمرأة، فصار كما إذا صرحت بها) ش: أي بالمرة بأن قالت اخترت نفسي مرة في جواب قوله اختاري ثلاث مرات، فكذا إذا ذكرت اللفظ الذي يدل على المرة.
م:(ولأن الاختيارة للتأكيد) ش: لكونه مصدرًا م: (وبدون التأكيد تقع ثلاثًا، فمع التأكيد أولى) ش: بأن يقع الثلاث م: (وكما لو قالت قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة) ش: أي فهي طلقة واحدة م: (تملك الرجعة، لأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق) ش: أي البينونة م: (بعد انقضاء العدة) ش: لكونه من ألفاظ الصريح، وما يوجب البينونة بعد انقضاء العدة كان عند الوقوع رجعيًا.