للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا الخلاف العتاق. لهما أنه فوض التطليق إليها على أي صفة شاءت، فلا بد من تعليق أصل الطلاق بمشيئتها لتكون لها المشيئة في جميع الأحوال، أعني قبل الدخول أو بعده. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن كلمة "كيف" للاستيصاف، يقال كيف أصبحت، والتفويض في وصفه يستدعي وجود أصله، ووجود الطلاق بوقوعه،

ــ

[البناية]

فإن قيل: كيف يباح لها أن تطلق نفسها ثلاثا، والزوج لا يسعه أن يطلقها ثلاثا.

أجيب: بأنه يجوز أن يكون المراد بقوله: إن شاءت نفسها ثلاثا بمشيئة القدرة لا بمشيئة الإباحة، كما في قوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] على أنه روي عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أن ذلك يباح لها في التخيير، وفي " الفوائد الظهيرية ": لو طلقت نفسها ثلاثا على قولهما أو ثنتين على قول أبي حنيفة لا يكره، لأنها مضطرة إلى ذلك، لأنها لو فرقت خرج الأمر من يدها، بخلاف ما لو أوقع الزوج ذلك.

م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وصاحبيه م: (العتاق) ش: يعني إذا قال لعبده أنت حر كيف شئت يعتق عبده في الحال ولا مشيئة له، وعندهما: لا يعتق قبل المشيئة، وبه قال الشافعي.

م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أنه فوض التطليق إليها على أي صفة شاءت، فلا بد من تعليق أصل الطلاق بمشيئتها) ش: لأنه إذا لم يتعلق أصله لا يقع كيف شاءت، لأن الوصف لا يتحقق بدون الأصل م: (لتكون لها المشيئة في جميع الأحوال) ش: يعني سواء كان م: (أعني قبل الدخول أو بعده) ش: وقد فسره بقوله: أعني قبل الدخول وبعده، فلا يقع الطلاق بدون مشيئتها عندهما، كما في قوله: أنت طالق إن شئت أو كم شئت أو حيث شئت أو أين شئت.

م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن كلمة كيف للاستيصاف) ش: أي للسؤال عن وصف الشيء م: (يقال: كيف أصبحت؟) ش: أي: صحيح أم بك تشويش، وهو اسم ويستعمل على وجهين: أحدهما: أن يكون شرعا نحو كيف تضع، والثاني: هو الغالب فيه أن يكون استفهاما حقيقة، نحو كيف زيدا، وغير حقيقي نحو قَوْله تَعَالَى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: ٢٨] (البقرة: الآية ٢٨) ، فإنه خرج مخرج التعجب، فإنه كان وضع كيف لسؤال الحال، لأن الذات كان لوصف الطلاق في البينونة والعدد متعلقا بالمشيئة دون أصله، ولكن في غير المدخول بها، لا مشيئة لها بعد وقوع أصل الطلاق، لحصول البينونة. وفي المدخول بها يقع ما شاءت إذا وافقت نية الزوج، وإذا خالفت يقع الطلاق الرجعي.

م: (والتفويض في وصفه) ش: أي وصف الطلاق م: (يستدعي وجود أصله) ش: أي أصل الطلاق، لأن الوصف قائم به م: (ووجود الطلاق بوقوعه) ش: أي بوقوع الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>