للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه أتى بصورة الشرط، فيكون تعليقا من هذا الوجه، ولأنه إعدام قبل الشرط، والشرط لا يعلم هاهنا، فيكون إعداما من الأصل، ولهذا يشترط أن يكون متصلا به،

ــ

[البناية]

وقد روي عن نافع عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - موقوفاً. وروي عن سالم عن ابن عمر موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير أيوب السختياني، وقال إسماعيل بن إبراهيم: كان أيوب أحياناً يرفعه، وأحياناً لا يرفعه، ولفظ أبي داود فيه: فقد استثنى.

وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن سليمان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لأطوفن الليلة به". وفيه لو قال: إن شاء الله تعالى لكان كما قال» . وروى ابن عدي في " الكامل" عن إسحاق بن أبي يحيى الكعبي عن عبد العزيز بن أبي داود عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: من قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله، أو لغلامه أنت حر أو علي المشي إلى بيت الله إن شاء الله فلا شيء عليه، وهو معلول بإسحاق الكعبي.

فإن قلت: ليس في الحديث الذي رواه أصحاب "السنن" متصلاً به، وقد روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لأغزون قريشاً " ثم قال بعد سنة: "إن شاء الله تعالى» .

قلت أجيب: بمنع صحة هذا وبعد التسليم بصحته نقول: إن الاستثناء كان من قوله لأغزون قريشاً الذي سبق قبل سنة، لأنه يحتمل أن الاستثناء كان منه، لكن لا نسلم أن قصد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان من قوله: "لأغزون" الاستثناء فلم يجز أن يكون قصده الاستدراك المأمور به الثابت من قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إلا أن يشاء الله} [الكهف: ٢٤] {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٤] (الكهف: الآيتان ٢٣، ٢٤) .

م: (ولأنه) ش: أي ولأن المستثني بكسر النون م: (أتى بصورة الشرط) ش: أي بحرف صريح دون حقيقة الشرط، لأن حقيقة الشرط عبارة عما يكون على خطر وتردد ومشيئة الله تعالى ليست كذلك لثبوتها قطعا أو انتفائها كذلك، وما هو كذلك م: (فيكون تعليقاً من هذا الوجه) ش: يعني من حيث الصورة م: (ولأنه) ش: أي قوله: إن شاء الله تعالى م: (إعدام) ش: للعلية م: (قبل) ش: وجود م: (الشرط، والشرط) ش: وهو مشيئة الله تعالى م: (لا يعلم هاهنا) ش: أي في صورة التعليق بمشيئة الله تعالى لأنا لا نطلع عليها م: (فيكون إعداماً) ش: أي للجزاء م: (من الأصل) ش: أي من ابتداء العدم العلم بالمشيئة، فصار كأنه لم يقل أنت طالق أصلاً، فكان إبطالاً للكلام.

م: (ولهذا) ش: أي ولأن في الاستثناء معنى الشرط م: (يشترط أن يكون متصلاً به) ش: وعليه

<<  <  ج: ص:  >  >>