وقت توريث تماضر، فنقول: ما ورثها لخفاء وجه الاستحسان عليه، أو نقول: كانت تماضر سألت الطلاق فاعتقد ابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن سؤالها يسقط الإرث، وبه نقول، ولكن عثمان إنما ورثها عند وجود سؤال الطلاق فعند عدمه أولى. انتهى.
وفي السروجي: وأجابوا عن قول ابن الزبير في خلافته: لو كنت أنا لم أقل بتوريثها إن لم يكن في ذلك الوقت من الفقهاء. وفي " البدائع ": وكان الإجماع قد انعقد على ذلك، وخلافه بعد وقوع الإجماع من الصحابة لا يقدح فيه، لأن انقراض العصر ليس بشرط لصحة الإجماع، أو خالفه لتوريثه بعد سؤالها، وقد روي ذلك، ولعل عثمان كان يرى أن ذلك لا يسقط إرثها، وفي " الجوهر " و" المحلى " في رواية كان توريث عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد انقضاء العدة، وروى هشام عن أبي مسلم عن أبيه أنه كان بعد العدة، وروى عنه أبو عمر أنه كان في العدة، وقال ابن حزم وعمر: هذا ضعيف، لكن ثبت من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي مليكة أنه سأل عبد الله بن الزبير قال: طلق عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بنت الأصبع الكلبية فبتها، ثم مات في العدة فورثها عثمان، رواه عنه الحجاج بن المنهال وسعيد بن منصور، وقد اتفقا على أن توريثها كان في العدة، وهو قول الجمهور.
ويحتمل قول من قال: إنه ورثها بعد انقضاء العدة مع ضعفه أنه كان تأخير المخاصمة والقسمة وقع بعد العدة، وكان موته قبل انقضاء العدة يدل عليه قوله: فلم يلبث إلا يسيراً حتى مات، وتماضر بضم التاء المثناة من فوق، وتخفيف الميم، وكسر الضاد المعجمة في آخره، بنت عمر بن الشريد السلمية. قال أبو عمر: وهي الخنساء الشاعرة بنت عمرو بن الشريد بن رباح بن ثعلبة بن جفاف بن امرئ القيس بن نهبة بن سليم قدمت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع قومها فأسلمت فذكروا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستشهد بها ويعجبه شعرها، فكانت تنشده، وهو يقول فيه بأجناس ويومئ بيده - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وأجمع أهل العلم بالشعر أنه لم يكن امرأة قط قبلها ولا بعدها أشعر منها. وقالوا: اسم الخنساء تماضر، وكانت حضرت حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، واستشهد الأربعة فيها، وكان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد مائتي درهم حتى قبض - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وفي السروجي: وروي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لما قضى بتوريثها قال: فر من كتاب الله، وروي عنه أنه قال: ما فررت من كتاب الله أي ما قصدت الفرار، وحصل لها بالصلح عن ربع سهمها ثمانون ألفاً. وذكر بعض أهل الحديث أنها كانت دنانير. وذكر عبد المغني في الأربعين أن ورثته كانوا يقطعون مسائل الذهب بالقوس ويقتسمونها.
ومن الدليل في هذا الباب ما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: جاء عروة البارقي إلى