للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا طلقها ثلاثا: فقالت: قد انقضت عدتي، وتزوجت، ودخل بي الزوج الثاني، وطلقني، وانقضت عدتي، والمدة تحتمل ذلك جاز للزوج الأول أن يصدقها إذا كان في غالب ظنه أنها صادقة لأنه معاملة أو أمر ديني لتعلق الحل به، وقول الواحد فيهما مقبول، وهو غير مستنكر إذا كانت المدة

ــ

[البناية]

والجواب: أن إثبات الثابت إنما لا يعتبر إذا لم يفد، أما إذا أفاد فيعتبر، ألا ترى أن بيع الإنسان ماله بماله لا يفيد، وكذا شراؤه بماله، أما إذا أفاد فيعتبر كما إذا اشترى ماله من المضارب قبل أن يظهر فيه ربح، وإن كان ماله لما أنه يفيد ملك التصرف.

م: (وإذا طلقها ثلاثاً فقالت قد انقضت عدتي وتزوجت بزوج آخر ودخل بي الزوج الثاني، وطلقني، وانقضت عدتي، والمدة تحتمل ذلك) ش: هذا من مسائل القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، والمراد من قوله: ودخل بي الزوج الثاني والمدة التي تحتمل ذلك تأتي عن قريب م: (جاز للزوج الأول) ش: جواب إذا م: (أن يصدقها إذا كان في غالب ظنه أنها صادقة) .

ش: قال الأترازي: كلامه يوهم بأن إخبارها مقبول وإن لم تكن عدلاً، لأنه أطلق في التعليل، وليس الأمر كذلك، فإن الرواية منصوصة في آخر كتاب " الإحسان "، بأن الزوج الأول لا بأس عليه أن يتزوجها إذا كانت عنده ثقة أو وقع في قلبه أنها صادقة، انتهى.

قلت: استدلاله برواية كتاب " الاستحسان " يرد عليه قوله: وليس الأمر كذلك، لأنه ذكر فيه كونها ثقة أو وقوع صدقها في قلبه، وقد صرح بذلك القدوري بقوله: إذا كان في غالب ظنه أنها صادقة، وتعليله مقيد بهذا الوجه، وليس بمطلق حتى يترتب عليه الوهم الذي ذكره.

م: (لأنه) ش: أي لأن النكاح م: (معاملة) ش: لكون البضع متقوما عند الدخول، وإذا كان معاملة فخبر الواحد مقبول فيها بشرط التمييز كالولايات والمضاربات والإذن في التجارة م: (أو أمر ديني لتعلق الحل به) ش: أي بالنكاح، ويقبل قولها فيه أيضاً كما أخبرت بنجاسة الماء وطهارته وروت حديثاً م: (وقول الواحد فيهما مقبول) ش: أي في المعاملة والأمر الديني، أما في الديانات فلأن الصحابة كانوا يقبلون خبر العدل من غير اشتراط العدد، وأما في المعاملات فعلى نوعين:

الأول: هي التي ليس فيها معنى الإلزام كالوكالات ونحوها كما ذكرنا، فيعتبر فيها خبر مميز عدلاً كان أو فاسقاً، صبياً كان أو بالغا، مسلماً كان أو كافراً، حراً كان أو عبداً، ذكراً كان أم أنثى من غير اشتراط العدد والعدالة دفعاً للضرورة.

النوع الثاني: الذي فيه إلزام من حقوق العباد، فيشترط فيه العدد والعدالة وتعيين لفظ الشهادة، لأنها تبنى على المنازعة فاحتيج إلى زيادة التوكيد دفعاً للتزوير والحيل.

م: (وهو غير مستنكر) ش: أي إخبار المرأة المذكورة غير أمر مستنكر فيه م: (إذا كانت المدة

<<  <  ج: ص:  >  >>