لأنه مانع حقها في الجماع، فينوب القاضي منابه في التسريح كما في الجب والعنة. ولنا أنه ظلمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة، وهو المأثور عن عثمان، وعلي، والعبادلة الثلاثة،
ــ
[البناية]
يطأها، ولا يطلقها الحاكم ثنتين أو ثلاثاً أو يفسخ النكاح. وقال أحمد: للحاكم أن يطلقها رجعية أو بائنة أو ثنتين أو ثلاثاً أو يفسخ النكاح، والمختار عنده أن يطلقها رجعية كما قال الشافعي ومالك، وقالت الظاهرية: لا يطلق الحاكم تطليقة بائنة، ولكن يجبره بسوط ويحبسه إلى أن يفيء ويطلقها، وبه قال الشافعي في القديم، وقال أبو ثور: يطلقها الحاكم طلقة بائنة إذ لا فائدة في الرجعة، فإنه لا يراجعها ويعود الأمر فصار كفرقة العنة.
م:(لأنه) ش: أي لأن المولي م: (مانع حقها في الجماع) ش: أي ثبوت الإيلاء بقصده الإضرار والتعنت منع حقها في الجماع م: (فينوب القاضي منابه في التسريح) ش: بالإحسان م: (كما في الجب والعنة) ش: أي ينوب القاضي منابه في التفريق فيما إذا وجدت زوجها مجبوبا أو عنينا. وجه القياس: دفع الضرر عنها عند فوت الإمساك بالمعروف.
م:(ولنا أنه ظلمها بمنع حقها) ش: والمستحق عليه وهو الوطء في المدة م: (فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة) ش: تخليصا لها عن ضرر التعليق ولا يجعل التخلص بالرجعي فوقع بائنا، ولأن الإيلاء كان طلاقا بائنا على الفور في الجاهلية، بحيث لا يقربها الزوج بعد الإيلاء أبدا فجعله الشرع مؤجلا بقوله تعالى:{تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة: ٢٢٦] إلى انقضاء المدة، فحصلت الإشارة إلى أن الواقع بالإيلاء بائن لكنه مؤجل.
م:(وهو المأثور) ش: أي مذهبنا، وهو وقوع البينونة بعد مضي مدة الإيلاء مروي م:(عن عثمان وعلي) ش: أما المأثور عن عثمان فقد رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن عطاء الخراساني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كانا يقولان في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة واحدة، وهي أحق بنفسها، وتعتد عدة المطلقة م:(والعبادلة الثلاثة) ش: وهم عند الفقهاء عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وعن المحدثين هم أربعة: ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وابن عمرو، ولم يذكروا فيهم عبد الله بن مسعود، لأنه من كبار الصحابة، فلا يدخل فيهم، كذا في " المغرب ".
وقال الأترازي: وفيه نظر، لأن مالكاً حدث في " الموطأ " عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه كان يقول: إذا آلى رجل من امرأته لم يقع عليه الطلاق. فإن مضت الأربعة الأشهر حتى توقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء، وكذلك روى البخاري في " الصحيح " أنه لا يقع الطلاق، حتى يطلق، ونقل ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر