وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -. وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ليس بظهار لانعدام التشبيه بالمحرمة، وهو الركن فيه. ولهما أنه أطلق الحرمة، وفي الظهار نوع حرمة، والمطلق يحتمل المقيد.
وإن قال أردت التحريم أو لم أرد به شيئا فهو يمين يصير به موليا؛ لأن الأصل في تحريم الحلال إنما هو اليمين عندنا وسنذكره في الأيمان إن شاء الله. ومن المشايخ من يصرف لفظة التحريم إلى الطلاق من غير نية بحكم العرف، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
حنيفة وأبي يوسف، أشار إليه المصنف بقوله م:(وهذا) ش: أي كونه ظهاراً م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ليس بظهار لانعدام التشبيه بالمحرمة) ش: ولم يوجد التشبيه لعدم حرف التشبيه وهو الكاف، فلم تصح نيته م:(وهو الركن فيه) ش: أي التشبيه المذكور هو الركن في الظهار.
م:(ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنه) ش: أي القائل بقوله: أنت علي حرام م: (أطلق الحرمة) ش: حيث لم يقيدها بشيء، والمرأة تارة تكون محرمة بالطلاق، وتارة بالظهار، ومطلق الحرمة يحتمل المقيد م:(وفي الظهار نوع حرمة) ش: لأنه إذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فقد حرمت عليه حتى يكفر عن ظهاره م:(والمطلق يحتمل المقيد) ش: ومن نوى محتمل كلامه صدق.
م:(وإن قال: أردت التحريم أو لم أرد به) ش: أي قال: لم أرد به م: (شيئا فهو يمين يصير به موليا) ش: حتى إذا قربها كفر عن يمينه. وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت بالإيلاء، أما إذا أراد التحريم فإنما يكون يمينا، لأن تحريم المباح يمين، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}[التحريم: ١] إلى قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢] أول التحريم، وأما إذا لم يرد شيئا فلأن الحرمة الثابتة باليمين أدنى الحرمات، لأن في الإيلاء الوطء حلال قبل الكفارة، وفي الظهار ليس كذلك، وإذا أريد به الطلاق وقع بائنا، ويحرم الوطء، والإيلاء لا يحرم الوطء، فلما كانت حرمة اليمين أدنى الحرمات تعينت لتيقنها م:(لأن الأصل في تحريم الحلال إنما هو اليمين عندنا) ش: لأن تحريم الحلال ليس من العبد بل من الله تعالى، لأنه قلب المشروع، لكن العبد يمنع نفسه عن ذلك الشيء، فإذا باشره فعليه الكفارة م:(وسنذكره في الأيمان إن شاء الله تعالى) ش: أي سنذكر هذا الفصل في كتاب الأيمان إن شاء الله عز وجل.
م:(ومن المشايخ من يصرف لفظة التحريم إلى الطلاق) ش: في قوله لها: أنت علي حرام م: (من غير نية بحكم العرف) ش: لأن العادة جرت بين الناس في زماننا هذا أنهم يريدون الطلاق بهذا، وأراد من المشايخ أبا بكر الإسكاف وأبا بكر بن سعيد، والفقيه أبا جعفر الهندواني وهو من كبار علمائنا الماضين ببلخ، فإنهم قالوا: يقع الطلاق. وقال الفقيه أبو الليث: وبه نأخذ، وكذا الجواب في قوله: كل حل علي حرام، وحلال الله علي حرام، أو قال: حلال المسلمين علي حرام.