للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

وجه، لأنه تخليصه من الرق وتمكينه من الطاعة والنظر في محاسن الإسلام، لأنه أحسن إليه، فإن لم يفعل ذلك فهو من سوء اختياره، فلا يضاف ذلك إلى المولى.

ولقائل أن يقول مقارفة المعصية يحال به سوء اختياره، لكن لم لا يكون قصور ذلك منه مانعا عن الصرف إليه كما في الزكاة. والجواب أن القياس جواز صرف الزكاة إليه أيضا، لأن فيه مواساة عباد الله، لكن قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم» أخرجهم عن المصرف، وقد أطال الشراح هنا بذكر دلائل من جهة الخصم وردها من جهتنا فنذكرها ملخصة:

فقالوا الكفارة مطهرة، والكافر غير أهل لذلك، قال الله تعالى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] (البقرة: الآية ٢٦٧) ، ولا خبث أشد من الكفر، ولهذا لا يجوز كفارة المرتد، لأن الإيمان شرط في كفارة القتل بالنص والإجماع، فكذا في سائر الكفارات، لأنها جنس واحد، ولأن المطلق يحمل على المقيد في جنس واحد ولأنا أمرنا بعتق رقبة حي قائم من كل وجه، ولهذا الذمي والكافر ميت، قال الله تعالى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢] (الأنعام: الآية ١٢٢) ولأن الكفارة حسنة، وإعتاق الكافر سيئة لما فيه من تفريغ باله لعبادة الأوثان، ولأنه «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال لمعاوية بن الحكم حين أتي بجارية مجوسية وقال يا رسول الله علي رقبة فأعتقها عنه، فقال لها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أين الله" فأشارت إلى السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة» ، رواه مسلم والنسائي، وما سأل عن سبب وجوب الكفارة، فدل أن الإيمان شرط في الجميع، ولأنه لا يجوز التقرب إلى الله بعتق أعدائه، ولأن العمل بالقيد عمل بالدليلين، لأن المطلق جزء المقيد.

قلنا: جواز المؤمنة باعتبار أنها رقبة لا لأنها مؤمنة، وكذا الكافرة كما في الكبيرة والصغيرة وبينهما تضاد، والمرتد ممنوع يجوز عند بعض مشايخنا، وعند البعض لا يجوز، لأنه مستحق القتل، حتى يجوز بالمرتد بلا خلاف، وتقييده بالإيمان زيادة على النص، وهي نسخ ولا يجوز تقييده بالقياس على كفارة القتل أيضا، لأنه قياس المنصوص على المنصوص، فلا يجوز ذلك للزوم اعتقاد النقض فيما تولى الله بيانه، ولا يحمل المطلق على المقيد إذا أمكن العمل بها، وإطلاق الميت على الكافر مجاز، فإنه لو قال كل مملوك لي حي حر عتق جميع عبيده الكفار بالإجماع.

والقول بأن إعتاق الكافر سيئة غير مستقيم لصحة النذر به. ولأنه تعاون على البر والتقوى كما ذكر عن قريب. وحديث معاوية بن الحكم مؤول عند الثقات، فإن فيه السؤال عن مكان الله وهو محال على الله عز وجل، أو نقول الحديث محمول على كفارة القتل بدليل قوله إن على رقبة مؤمنة في رواية أخرى، وقولهم لا يجوز التقرب إلى الله تعالى بعتق أعدائه مخالف

<<  <  ج: ص:  >  >>