قليلا كان ما أكلوا أو كثيرا، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجزئه إلا التمليك اعتبارا بالزكاة وصدقة الفطر، وهذا لأن التمليك أدفع للحاجة، فلا تنوب منابه الإباحة. ولنا أن المنصوص عليه هو الإطعام، وهو حقيقة في التمكين من الطعم وفي الإباحة ذلك، كما في التمليك. أما الواجب في الزكاة الإيتاء، وفي صدقة الفطر الأداء، وهما للتمليك حقيقة.
ــ
[البناية]
عشاءين، ذكره في " المحيط "، فعلم أن المراد غداآن أو عشاآن أو غداء وعشاء م:(قليلا كان ما أكلوا أو كثيرا) ش: أي بعدما شبعوا، إذ القصد الشبع لا المقدار، لأن المقصود دفع حاجة اليوم. وفي المحيط المعتبر أكلتان مشبعتان، ولا يعتبر فيه مقدار الطعام، حتى لو قدم أربعة أرغفة أو ثلاثة في كفارة اليمين بين يدي عشرة وشبعوا أجزأ وإن لم يبلغ ذلك صاعا أو نصف صاع.
ولو كان أحدهما شبعان هل يجوز اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجوز لأنه وجد إطعام العشرة وقال بعضهم لا يجوز لأن المأخوذ عليه إشباع العشرة، ولم يوجد، وبقولنا قال إبراهيم النخعي ومالك.
م:(وقال الشافعي لا يجزئه إلا التمليك) ش: وبه قال أحمد، وإنما يعتبر فيه التمليك دون الإباحة م:(اعتبارا بالزكاة، وصدقة الفطر) ش: أي قياسا عليهما م: (وهذا) ش: أي وجه اعتبارها بالزكاة وصدقة الفطر م: (لأن التمليك أدفع للحاجة، فلا تنوب منابه الإباحة) ش: لأن الإباحة ليست مثل التمليك في دفع الحاجة.
م:(ولنا أن المنصوص عليه هو الإطعام) ش: وهو جعل الغير طاعما م: (وهو حقيقة في التمكين من الطعم) ش: بضم الطاء وهو الطعام، والطعام بالفتح مذاق الشيء م:(وفي الإباحة ذلك) ش: أي الإطعام م: (كما في التمليك) ش: أي كما في معنى التمليك الإطعام، فإذا كان كذلك فيتأدى الواجب بكل واحد منهما، فكانت الإباحة ثابتة بالنص، والتمليك في معناه بل هو فوقه فيما هو المقصود، وهو سد خلة الفقير وإغناؤه.
م:(أما الواجب في الزكاة) ش: جواب عن قول الشافعي اعتبارا بالزكاة، وصدقة الفطر وتقريره أن الواجب في الزكاة م:(الإيتاء) ش: وهو الإعطاء م: (وفي صدقة الفطر الأداء وهما للتمليك) ش: أي المعنى التمليك م: (حقيقة) ش: فلا يجوز الإباحة وفي الكافي الأصل أن الإباحة تصح في كفارة الظهار، والإفطار واليمين، وجزاء الصيد والفدية دون الصدقات كالزكاة وصدقة الفطر والحلق عن الأذى والعشر، فإنه يشترط فيها التمليك، وفي صدقة الحلق عن الأذى خلاف بين أبي يوسف ومحمد، فأبو يوسف يجوز الإباحة ومحمد يشترط فيه التمليك.