للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكون الفرقة تطليقة بائنة، عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - لأن فعل القاضي انتسب إليه كما في العنين

ــ

[البناية]

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... إلى آخره، ولم ينكر عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولو وقعت بينهما بمجرد التلاعن لأنكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن قيل: قد أنكر عليه بقوله: «اذهب فلا سبيل لك عليها» .

أجيب: بأن ذلك ينصرف إلى طلبه رد المهر، فإنه روي أنه قال: «إذا كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذبا فلا سبيل لك عليها» والتركيب المذكور قلق جدا، حتى في بعض النسخ دل عليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذلك الملاعن: «إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا» قاله بعد اللعان، أي بعد وقوع اللعان وبين النسختين فرق لا يخفى. ولو ذكر الحديث ثم بين وجه الاستدلال لكان أحسن وأوضح.

والحديث رواه مالك في " الموطأ " عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره «أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري، فقال له: يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا يقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي عن ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال له عاصم: ما كنت لتأتيني بخبر قد كره رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسألة التي سألته عنها، قال: والله لا أنتهي، حتى آتي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأسأله عنها فأتى عويمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسط الناس فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قد أنزل الله تعالى فيك وفي صاحبتك، اذهب فأت بها"، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة الملاعنين، ورواه البخاري في "صحيحه" عن إسماعيل عن مالك عن ابن شهاب، ورواه مسلم أيضا وأبو داود. وفي رواية عويمر بن أشقر. وقلنا حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أيضا «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لاعن بين رجل وامرأته ألحق الولد بأمه» ذكره في " الصحيحين". «وعن سهل بن سعد شهدت المتلاعنين على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا ابن خمس عشر سنين فرق بينهما حين تلاعنا» فهذه الأحاديث الصحاح كلها تدل على عدم وقوع الفرقة بتمام تلاعنهما حتى يفرق بينهما، وكذا إيقاع الطلاق الثلاث، ولم يرد في حديث أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فرق بينهما قبل لعان المرأة بعد لعان الرجل، قال الطحاوي: قول الشافعي خلاف القرآن والحديث، وينبغي على قوله أنه لا تلاعن المرأة أصلا، لأنها ليست زوجة عند لعانها.

م: (وتكون الفرقة) ش: أي الفرقة الحاصلة بالتلاعن م: (تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، لأن فعل القاضي انتسب إليه) ش: للنيابة عنه م: (كما في العنين) ش: حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>