للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إذا لم يكن قذفا في الحال يصير كالمعلق بالشرط، فيصير كأنه قال: إن كان بك حمل فليس مني، والقذف لا يصح تعليقه بالشرط. فإن قال لها: زنيت وهذا الحبل من الزنا تلاعنا لوجود القذف حيث ذكر الزنا صريحا، ولم ينف القاضي الحمل، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ينفيه لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نفى الولد عن هلال وقد قذفها حاملا، ولنا أن الأحكام لا تترتب عليه إلا بعد الولادة لتمكن الاحتمال قبله، والحديث محمول على أنه عرف قيام الحبل بطريق الوحي.

ــ

[البناية]

م: (قلنا: إذا لم يكن قذفا في الحال) ش: هذا جواب من جهة أبي حنيفة، يعني إذا لم يكن قوله ليس حملك مني قذفا في الحال بالاحتمال م: (يصير كالمعلق بالشرط، فيصير كأنه قال: إن كان بك حمل فليس مني، والقذف لا يصح تعليقه بالشرط) ش: قبل وجود الشرط، ولا حاجة إلى إبقاء حكمه إلى وجود الشرط لعدم الحاجة إلى إيجاب الحد، لأن الحدود يحتال إلى درئها لا إلى إثباتها، بخلاف الإرث والوصية، فإنهما يتوقفان إلى انفصال الولد، ولا يتوقف القذف. وقيل إن هلال بن أمية قذف امرأته بنفي الحمل وقد لاعن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما. أجيب: بأنا لا نسلم أنه قذف امرأته بنفي الحمل، نعم أنه قذفها وهي حامل، وذلك لا يدل على قذفها بنفي الحمل، لأن الحديث قال إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته فذلك يدل على أنه كان قاذفا بصريح الزنا لا بنفي الحمل.

م: (فإن قال لها: زنيت وهذا الحمل من الزنا، تلاعنا لوجود القذف، حيث ذكر الزنا صريحا، ولم ينف القاضي الحمل. وقال الشافعي: ينفيه لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نفى الولد عن هلال، وقد قذفها حاملا) ش: وقد ذكرنا عن قريب حديث هلال بن أمية بتمامه.

م: (ولنا أن الأحكام لا تترتب عليه) ش: أي على الحمل، يعني أن نفي الولد حكم من أحكامه والأحكام لا تترتب عليه م: (إلا بعد الولادة لتمكن الاحتمال قبله) ش: أي قبل انفصال الولد أو قبل حصول الولد. فإن قيل بل يترتب عليه قبل الولادة كالرد بالعيب والميراث والوصية به. وأجيب بأن اللعان في حق الزوج بمنزلة الحد، فلا يقام مع الشبهة، بخلاف الرد بالعيب، لأنه يثبت مع الشبهة والإرث والوصية يتوقفان على انفصاله، ولا ينفرد في الحال.

وحاصل الجواب أن قوله الأحكام لا تثبت يراد به بعضها ونفي الولد منها لئلا يلزم إقامة الحد مع قيام الشبهة م: (والحديث) ش: أي حديث هلال م: (محمول على أنه) ش: أي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: (عرف قيام الحبل بطريق الوحي) ش: بدليل أن في الحديث: إن جاءت به أصيهب الحديث إلى آخره، كما ذكرناه. ومثل ذلك لا يعرف إلا بطريق الوحي. ومن أصحابنا من قال: إن هلالا قذفها نصا، فإنه قال وجدت شريك بن سمحاء على بطنها يزني بها، ثم نفى الحمل بعد ذلك، وعندنا لو قذفها نصا لاعن، كذا في " المبسوط ". قال ابن الجوزي: إن أحمد أنكر لعان هلال بالحمل، فقال إنما لاعن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما جاء وشهد بالزنا ولو كان اللعان بالحمل لكان الحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>