للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يجب إظهارا للتأسف على فوت نعمة النكاح الذي هو سبب لصونها وكفاية مؤنها، والإبانة أقطع لها من الموت، حتى كان لها أن تغسله ميتا قبل الإبانة لا بعدها.

ــ

[البناية]

بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب" قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال "بالسدر تغلفين به رأسك".»

قلت: حديث أبي داود هذا أجنبي عن المقصود على ما لا يخفي، فالاستدلال به غير مطابق. وقوله - نهى المعتدة - أعم من أن تكون معتدة الوفاة ومعتدة الطلاق، وتمام الحديث الحناء طيب.

فالحديث حديث واحد أخرجه البيهقي في كتاب المعرفة في الحج عن ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج «عن خولة بنت حكيم عن أمها أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا تطيبي وأنت محرمة، ولا تمسي الحناء فإنه طيب، وعزاه السروجي في الغاية إلى النسائي، لفظه: " نهى المعتدة عن التكحيل والدهن والخضاب بالحناء وقال: " الحناء طيب".» وقال البيهقي: إسناده ضعيف، قال ابن لهيعة: لا يحتج به.

قلت: تكلموا فيه كثيرا، ولكن روي عن أحمد قال: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثة وضبطه وإتقانه، وحدث عنه أحمد كثيرا، وروى له مسلم مقرونا بعمرو بن الحارث.

روى له الأربعة، والطحاوي.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن الإحداد م: (يجب إظهارا للتأسف على فوت نعمة النكاح الذي هو سبب لصونها) ش: أي لصون المرأة عن ارتكاب ما لا يجوز م: (وكفاية مؤنها) ش: ولأجل كفاية مؤنها وهو جمع مؤنة من نفقتها وكسوتها م: (والإبانة أقطع لها) ش: أي لنعمة النكاح م: (من الموت) ش: لأن حكم النكاح باق بعد الوفاة إلى أن تنقضي العدة م: (حتى كان لها أن تغسله) ش: أي حتى كان للمرأة أن تغسل زوجها، حال كونه م: (ميتا قبل الإبانة لا بعدها) ش: لأنه لا يبقى النكاح بعدها أصلا.

فإن قيل: المبتوتة تتأسف، فكيف تتأسف المختلعة وقد افتدت نفسها بالمال لطلب الخلاص منه؟ وكذا المبانة كيف تتأسف، وقد كفاها بالإبانة وآثر غيرها عليها؟ بل تظهر السرور بالتخلص من مثل هذا الزوج كما قال الخصم. أجيب بأن وجوب الإحداد دائر بفوت النكاح الصحيح بالمشيئة لا باعتبار وفاء الزوج وجفائه، وفي هذا لا فرق بين المختلعة والمبتوتة.

فإن قيل: لو كان كذلك ينبغي أن تجب على الأزواج كما تجب على الزوجات، لما أن نعمة النكاح مشترك بينهما. أجيب بأن النص لم يرد إلا في الزوجات، والأزواج ليسوا في معناهن لكونهم أدنى منهم في نعمة النكاح، لما فيه من صيانتهن، وورود النفقة عليهن لكونهن

<<  <  ج: ص:  >  >>