ولأن الأم أشفق عليه وأقدر على الحضانة، فكان الدفع إليها أنظر، وإليه أشار الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بقوله: ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر. قاله حين وقعت الفرقة بينه وبين امرأته، والصحابة حاضرون متوافرون. والنفقة على الأب، على ما نذكر، ولا تجبر الأم عليها، لأنها عست تعجز عن الحضانة،
ــ
[البناية]
م:(ولأن الأم أشفق عليه وأقدر على الحضانة) ش: مأخوذ من الحضن وهو ما دون الإبط إلى الكشح، وحضن الشيء جانباه، وحضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه، وكان المربي للولد يتخذه في حضنه ويضمه إلى جانبه. م:(فكان الدفع إليها أنظر) ش: أي فكان دفع الولد إلى أمه أنظر في حقه يعني أقوى نظرا في حاله من غيره.
م:(وإليه) ش: أي إلى هذا المعنى. م:(أشار الصديق) ش: أي أبو بكر الصديق. م:(- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بقوله: ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر) ش: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. م:(قاله حين وقعت الفرقة بينه وبين امرأته، والصحابة حاضرون متوافرون) ش: هذا غريب بهذا اللفظ، وقصته ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف " حدثنا محمد بن بشر، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - طلق أم عاصم، ثم أتى عليها، وفي حجرها عاصم، فأراد أن يأخذه منها فتجاذباه بينهما حتى بكى الغلام، فانطلقا إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فقال له أبو بكر: مسحها وحجرها وريحها خير له منك يا عمر، حتى يشب الصبي فيختار لنفسه.
ورواه عبد الرزاق، حدثنا سفيان الثوري عن عاصم عن عكرمة، قال: خاصمت امرأة عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وكان طلقها، فقال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هي أعطف وألطف وأرحم وأحنى وأرأف، وهي أحق بولدها ما لم تتزوج. وتفسير الذي ذكره المصنف قوله: وريقها، أي ريق أم عاصم امرأة عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - واسمها جميلة، وقوله: من شهد بضم الشين وفتحها، عسل في شمعه.
وفي " المبسوط ": ريحها، وفي رواية ريح رقاعها، وهو ثوب تشتمل به المرأة، خير له من سمن وعسل عندك يا عمر، فدعه عندها، وقضى به، بحضرة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ولم ينكر عليه أحد، فحل محل الإجماع.
م:(والنفقة على الأب على ما نذكر) ش: أي نفقة الولد على أبيه على ما يأتي في باب النفقات. م:(ولا تجبر الأم عليها) ش: أي على الحضانة، وفي بعض النسخ. م:(عليه) ش: أي على الولد، يعني إذا طلبت فهي أحق، وإذا أبت لا تجبر على الأخذ. م:(لأنها عست تعجز عن الحضانة) ش: وبه قال الشافعي وأحمد والثوري ومالك في رواية. وفي رواية: تجبر. وبه قال ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح وأبو ثور، واختاره أبو الليث والهندواني من أصحابنا، والمشهور عن مالك