أنه لو كان للتخيير اعتبار، لم يقل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللهم اهده» فوفق لاختياره الأنظر في حقه ببركة دعائه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولم يوجد ذلك فيما نحن فيه. م:(أو يحمل على ما إذا كان بالغًا) ش: هذا جواب ثان عن حديث الشافعي، ولكن ليس بموجه ولا يرضي الخصم لأنه صرح فيه فجاء بابن لهما صغير لم يبلغ وهو في حديث رافع بن سنان الذي مضى عن قريب.
وفي رواية أخرجها أبو داود «عن رافع بن سنان، ولفظه: أنه أسلم وأبت امرأته فأتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: ابنتي وهي فطيم، وقال رافع: ابنتي. وأقعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأم ناحية والأب ناحية، فأقعد الصبية بينهما، وقال لهما:"ادعواها"، فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللهم اهدها"، فمالت إلى أبيها وأخذها» انتهى، وهذا إيضاح صرح فيه بالصبية وأنها فطيم فكيف يكون الولد غالبًا؟ والمعني أن أصحابنا قصروا في هذا الباب حيث يستدل الخصم بالأحاديث الصحيحة، وهم يستدلون بالدليل العقلي.
وأجابوا عن حديث أبي هريرة بأربعة أجوبة: الأول: أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر إما بالاستهام وهو متروك بالإجماع، والثاني: لم يذكر فيه الطلاق، وقولها: إن زوجي، دليل على قيام النكاح، والثالث: ليس فيه سبع سنين، والخصم يشترط التخيير في سبع سنين، والرابع: أن بئر أبي عنبة كانت بالمدينة، ولا يمكن للصغير أن يسقي منها، ولا يخلو الكل عن تأمل، واعلم أن الابن إذا بلغ يخير بين أبويه. فإن أراد أن ينفرد فله ذلك، إلا إذا كان فاسقا يمضي عليه شيء، فحينئذ يضمه الأب إلى نفسه، لأنه أقدر على صيانته، أما الجارية فإن كانت بكرا يضمها إلى نفسه سواء كانت مأمونة أو غير مأمونة.
فإن كانت ثيبًا مأمونة ليس له أن يجبرها حتى تكون معه لزوال ولايته عنها كذا في نسخ " الفتاوى " وغيرها قاله الأترازى. وفي " الكافي " اختلعت على أن تترك ولدها عند الزوج، فالخلع جائز والشرط باطل.