وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - كلاهما طاهران: الرجل لعدم اشتراط الصب، والماء لعدم نية القربة. وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - كلاهما نجسان: الماء لإسقاط الفرض عند البعض بأول الملاقاة، والرجل: لبقاء الحدث في بقية الأعضاء، وقيل: عنده نجاسة الرجل بنجاسة الماء المستعمل، وعنه: أن الرجل طاهر؛ لأن الماء لا يعطى له حكم الاستعمال قبل الانفصال، وهو أوفق الروايات عنه.
ــ
[البناية]
إذا أدخل الجنب أو المحدث يده في الإناء ليغترف الماء لا يزول الحدث عن يده، كيلا يفسد الماء للحاجة إلى الاغتراف، فكذا هذا. م:(وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - كلاهما) ش: أي الرجل والماء م: (طاهران: الرجل لعدم اشتراط الصب عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - والماء لعدم نية القربة) ش: لأن عنده إنما يتغير الماء بنية التقرب ولم توجد فإن قلت: علمت بالعدم فلا يجوز. قلت: قد تقدم هذا مع جوابه م: (وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - كلاهما) ش: أي الرجل والماء م: (نجسان: الماء لإسقاط الفرض عند البعض بأول الملاقاة) ش: أي النية عنده ليست بشرط لإسقاط الفرض، فإذا أسقطت الفرض صار الماء مستعملا عنده فينجس م:(والرجل: لبقاء الحديث في بقية الأعضاء) ش: أي ونجاسة الرجل لأجل بقاء الحدث في بقية الأعضاء م: (عنده) ش: أي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(وقيل: عنده نجاسة الرجل بنجاسة الماء المستعمل) ش: لأن النية لما لم يشترط لسقوط الفرض عنده سقط الفرض بالانغماس وصار الماء مستعملا، الرجل متصل به فينجس بنجاسته م:(وعنه) ش: أي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(أن الرجل طاهر؛ لأن الماء لا يعطى له حكم الاستعمال قبل الانفصال) ش: أي قبل انفصال الماء عن العضوم: (وهو) ش: أي هذا القول الثالث م: (أوفق الروايات عنه) ش: أي عن أبي حنيفة لكونه أكثر مناسبة لأصله ولكونه أسهل للمسلمين، فعلى الأول من أقواله لا تجوز له الصلاة ولا قراءة القرآن، وعلى الثاني: تجوز له قراءة القرآن دون الصلاة، وعلى الثالث: يجوز كلاهما وتسمى هذه المسألة مسألة - جحط - فالجيم عبارة عن نجاسة كل واحد من الرجل والماء؛ لأنهما نجسان، والحاء عن إبقاء حال كل واحد على ما كان، والطاء عن طهارة كل منهما، وترتيب الأحكام على ترتيب العلماء الثلاثة. وقد يقال: - نحط - بالنون موضع الجيم فالنون عبارة عن نجاسة كل منهما.
وقال شمس الأئمة: التعليل لمحمد لعدم إقامة القربة ليس بقوي فإن هذا المذهب غير مروي عنه أيضا. والصحيح أن إزالة الحدث بالماء مفسد له إلا عند الضرورة كالجنب يدخل يده في الإناء، وفي البئر ضرورة لطلب الدلو يسقط استعماله للحاجة. وقال القدوري: كان شيخنا أبو عبد الله الجرجاني يقول: الصحيح عندي من مذهب أصحابنا أن إزالة الحدث استعمال للماء فلا معنى لهذا الخلاف، وإنما لم يصر الماء مستعملا في البئر ضرورة، وقال في " قاضيخان ": ومنهم من قال: يصير الماء مستعملا عند محمد برفع الحدث أيضا إلا في البئر للضرورة، ولو غسل الطاهر شيئا من بدنه غير أعضاء الوضوء كالفخذ والجنب بنية القرب قيل: يصير الماء مستعملا