للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا جلد الخنزير والآدمي

ــ

[البناية]

الآية ٤) وطهارة المكان تلحقه بالدلالة.

فإن قلت: قوله طهر أفاد حصول الطهارة فيشمل ذلك الصلاة فيه والوضوء منه، فما الفائدة في ذكرهما بعد ذلك.

قلت: أجيب بجوابين:

أحدهما: الاحتراز بذلك عن قول مالك: فإنه يقول: يطهر ظاهره دون باطنه فيصلى عليه لا فيه، ويستعمل في اليابس دون الرطب.

والثاني: أن ذلك توكيد لطهارته، ورد لقول من لا يقول بطهارة الجلد المدبوغ.

م: (إلا جلد الخنزير والآدمي) ش: الخنزير وزنه فعليل مثل قنديل رباعي والياء فيه زائدة، والنون أصلية مثلها خندريس؛ لأنها لا تزاد ثانية مطردة بخلاف الثالثة شريت وجحيل فقد نقل بأنها زائدة مطردة. وحكى ابن سيده: أنه مشتق من خزر العين أي ضيعها فهو على هذا ثلاثي مزيد فيه الياء والنون.

قلت: الشريت الغليظ الكفين والرجلين وصف به الأسيد. والجحيل بتقديم الجيم على الحاء الغليظ الشفة. الآدمي منسوب إلى آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

فإن قلت: في المسألتين منه ما هو.

قلت: معرفة هذا مبنية على معرفة شيء وهو أن جلد الخنزير يقيل الدباغ أو لا، وكذلك جلد الآدمي، فاختلف فيه، فقال بعضهم: جلد الخنزير لا يقبل الدباغ؛ لأن فيه جلودا مترادفة بعضها فوق بعض ذكره في " المحيط " و" البدائع ". وقيل: يقبل الدباغ ولكن لا يجوز استعماله؛ لأنه نجس العين لأنه رجس، والهاء في قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] (الأنعام: الآية ١٤٥) ينصرف إليه دون لحمة لقربه، فلذلك لا يجوز الانتفاع به ولا بيعه ولا جميع أنواع التملكات، ولا يضمن مثله للمسلم، وهو رواية عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذكره في " المحيط "، وهو مذهب الليث بن سعد وداود.

وأما جلد الآدمي فقد ذكر في " المحيط " " والبدائع ": أن جلد الإنسان يطهر بالدباغ ولكن يحرم سلخه ودبغة والانتفاع به احتراما له كشعره. وفي أحد قولي الشافعي: الآدمي ينجس بالموت ويطهر جلده بالدباغ في أحد الوجهين إلا أن المقصود منه لما لم يحصل استثني مع المستثنى. وقيل: جلد الآدمي أيضا لا يقبل الدباغ كجلد الخنزير.

فإذا عرفت هذا فقد توجه في الاستثناء وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>