وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: العبد كله للذي دبره أول مرة ويضمن ثلثي قيمته لشريكيه موسرا كان أو معسرا. وأصل هذا أن التدبير يتجزأ عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلافا لهما كالإعتاق؛ لأنه شعبة من شعبه، فيكون معتبرا به
ــ
[البناية]
قيمة القن، فالتدبير تلفت تسعة، فكان الإتلاف واقعاً على قيمة المدبر فللمعتق تلك الستة فقط، ويضمن التسعة التي هي نصيب الساكت مع تلك الستة التي يضمنه إياها.
م:(وهذا عند أبي حنيفة) . ش: أوضح الأترازي مذهب أبي حنيفة بقوله: اعلم أن العبد بين ثلاثة إذا دبره أحدهم وأعتقه الآخر، وهما مدبران كان للساكت أن يضمن المدبر ثلث قيمته قناً ويرجع به المدبر على العبد. نص عليه الحاكم في " الكافي "، وليس له أن يضمن المعتق لأنه لو ضمنه كان الملك له بالضمان والمدبر بفتح الباء ليس بقابل للملك سوى المدبر، وإنما يضمن الساكت المدبر إذا كان موسراً، وإن شاء استسعى العبد فيه لأنه أفسد تدبيره فيضمنه، ومالية العبد احتسب عند العبد فيستسعيه، أما إذا كان المعتق معسراً فللمدبر استسعاء العبد دون التدبير.
كذا قاله الفقيه أبو الليث في شرح " الجامع الصغير "، وليس للمدبر أن يرجع على المعتق بالثلث الذي ضمن للساكت، لأن ملك المدبر في ذلك الثلث ثابت من وجه دون وجه وذلك لأنه ثبت مستنداً بأداء الضمان، فبالنظر إلى أداء الضمان يثبت به الملك، فلما كان ذلك لم يظهر في حق التضمين، ثم الساكت إذا اختار تضمين المدبر كان ثلث الولاء للمدبر، والثلث للمعتق فإن اختار سعاية العبد كان الولاء بينهم أثلاثاً، وبه صرح الفقيه، وهذا كله قول أبي حنيفة.
م:(وقالا: العبد كله للذي دبره أول مرة) . ش: يعني لما دبره أحدهم صار كل مدبراً له، والعتق باطل لأن التدبير عندهما لا يتجزأ كالإعتاق عندهما. م:(ويضمن) . ش: أي المدبر. م:(ثلثي قيمته لشريكيه) . ش: المعتق والساكت سواء. م:(موسراً كان) . ش: أي المدبر. م:(أو معسراً) . ش: أي أو كان معسراً، والولاء كله للمدبر، وإنما يقع الفرق بين العتق والتدبير في حرف، وهو أن المعتق لا يضمن إذا كان معسراً.
وفي التدبير يضمن، وإن كان معسراً لأنه لما دبره فقد ملك كله، لأنه يملك خدمته فصار وجوب الضمان بالبدل والضمان إذا كان بالبدل استوى فيه العسر واليسر كجارية بين رجلين جاءت بولد، فادعاه أحدهما صارت أم ولده فيضمن نصف قيمتها، ونصف عقرها موسراً كان أو معسراً واستمتاعها بخلاف ضمان الإعتاق، فإنه ضمان إتلاف لا ضمان تملك، لأنه لا يحصل البدل بالضمان فاختلف بالعسر واليسر، وإن كان غنياً ضمن وإن كان فقيراً سعى العبد.
م:(وأصل هذا) . ش: الخلاف. م:(أن التدبير يتجزأ عند أبي حنيفة خلافاً لهما كالإعتاق) . ش: فإنه يتجزأ عنده خلافاً لهما. م:(لأنه. ش: أي لأن التدبير. م: (شعبة من شعبه) . ش: أي من شعب الإعتاق. م:(فيكون معبراً به) . ش: أي بالإعتاق يعني يتجزأ كما يتجزأ الإعتاق.