ولأنه سبب الحرية، لأن الحرية تثبت بعد الموت، ولا سبب غيره ثم جعله سببا في الحال أولى لوجوده في الحال وعدمه بعد الموت ولأن ما بعد الموت حال بطلان أهلية التصرف، فلا يمكن تأخير السببية إلى زمان بطلان الأهلية، بخلاف سائر التعليقات.
ــ
[البناية]
الإسلام حين كان يباع الحر أو على بيع الخدمة لا الرقبة توفيقاً بين حديثنا وحديثه، وكان من قبل الشافعي قد أجمعوا على عدم جواز بيعه مع أبي حنيفة وسفيان ومالك والأوزاعي ثم لما نشأ الشافعي بعدهم جوزه فصار هذا منه خرقاً للإجماع فلا يجوز، انتهى كلامه.
قلت: في كلامه نظر في موضعين.
الأول: قول توفيقاً بين حديثنا وحديثه، وكيف يوفق بينهما وحديثه صحيح وحديثنا لم يبلغ إلى الصحة.
والثاني: إن قوله فصار هذا منه خرقاً للإجماع غير مسلم، لأن الشافعي لم ينفرد، وهو مذهب جابر وعطاء، ووافقه أحمد وإسحاق وداود.
م:(ولأنه) . ش: أي ولأن التدبير. م:(سبب الحرية، لأن الحرية تثبت بعد الموت) . ش: بالإجماع. م:(ولا سبب غيره، ثم جعله سبباً في الحال أولى لوجوده في الحال وعدمه بعد الموت) . ش: لكون كلامه عرضاً لا يبقى، فتعين أن يكون سبباً في الحال، ولا يقال إنه موجود حكماً بعد موته، وإن كان معدوماً كما جعل كالموجود في بعض الأحكام، لأنا نقول الشيء إنما يصير موجوداً حكما إذا أمكن وجوده حقيقة، ولا إمكان لوجوده حقيقة بعد الموت لاستحالة وجود الفعل من الميت.
وقال الأترازي: وما قاله صاحب " الهداية " قبل باب عتق أحد العبدين بقوله - وفي المدبر ينعقد السبب بعد الموت - فذاك منه تناقض لا محالة. وقال الأكمل: يحمل ما ذكر هنا على غير الأولى، فيندفع التناقض، أو يكون قد اطلع على رواية عن أصحابنا أنه يجوز، وأن يكون سبباً بعد الموت، أو اختيار جوازه بالاجتهاد.
م:(ولأن ما بعد الموت حال بطلان أهلية التصرف، فلا يمكن تأخير السببية إلى زمان بطلان الأهلية) . ش: فلا يتصور انعقاد السبب من غير الأهل. م:(بخلاف سائر التعليقات) . ش: هذا جواب عما يقال في التدبير تعليق شيء من السبب ثابتا في الحال وإنما يكون عند الشرط فما بال التدبير يخالف سائر التعليقات فأجاب بقوله: بخلاف سائر التعليقات قال الكاكي هو متعلق بقوله حال بطلان أهلية التصرف، وأهلية التصرف باقية في سائر التعليقات عند وجود الشرط. أما هاهنا لا تبقى أهلية التصرف بعد موته، فلو لم يجعل سببا في الحال بقي كلامه من كل وجه.
فإن قيل: وجود أهلية المعلق حال وجود الشرط ليس بشرط، لما مر أنه لو علق الطلاق أو العتاق ثم جن ثم وجد الشرط وهو مجنون يقعان، فكان التدبير بمنزلة سائر التعليقات