للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

روي عن ابن عباس أنه قال: إنما حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الميتة لحمها، فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به، رواه الدارقطني.

ولما روي عن أم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زوجة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء» رواه الدارقطني أيضا.

فإن قلت: في إسناد الحديث الأول عبد الجبار بن مسلم قال الدارقطني: ضعيف، وفي الحديث الثاني يوسف بن أبي لهيعة، قال الدارقطني: هو متروك.

قلت: ابن حبان ذكر عبد الجبار المذكور في " الثقات "، وأما يوسف فإنه لا يؤثر فيه بالضعف إلا بعد بيان جهته والجرح المبهم غير مقبول عند الحذاق من الأصوليين وهو كان كاتب الأوزاعي، ومما يؤكد ما قلنا أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ناول أبا طلحة شعره فقسمه بين الناس وهو حديث متفق عليه، وهذا يدل على طهارة الشعر المبان.

قالوا: على القول بالنجاسة إنما قسم الشعر للتبرك وقد يكون بالنجس، وهذه التكلفات البعيدة مما يؤدي إلى ارتكاب الإثم الكبير والخطأ العظيم الذي ليس وراءه إلا الباطل المحض، وقالوا أيضا: إن الذي أخذه كل واحد كان يسيرا معفوا عنه.

قلنا: هذا أفحش من الأول؛ لأن فيه إشارة إلى الحكم بالتنجيس على ما لا يخفى، ونحن أيضا نحتج في طهارة عظم الميتة بحديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امتشط بمشط من عاج» . أخرجه البيهقي في " سننه " ثم قال: رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة.

قلت: لا نسلم أن بقية رواه عن مجهولين، فإن رواه عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ونحتج أيضا بما رواه أبو داود في " سننه " بإسناده عن حميد الشيباني عن سليمان بن المنبهي عن ثوبان مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال له: «اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج» . وأخرجه أيضا الطبراني في "مسنده " وابن عدي في " كامله " ومحمد بن هارون في " مسنده ".

<<  <  ج: ص:  >  >>